الدولبياناتمصر

محسن بهنسي وراء القضبان : مصر، سجنٌ في زمن الكورونا!

في ظل إحتدام أزمة جائحة الكورونا في مصر، وتوجيه الدولة لكل إمكانياتها لمواجهة الأزمة، والمطالبات الحقوقية والسياسية المكثفة بالإفراج عن المحبوسين سياسيًا، تعمل مباحث الأمن الوطني ونيابة أمن الدولة في تيار مختلف ومخالف وتزيد من أعداد المحبوسين دون إتهامات حقيقية وتستمر في صراعها السياسي الذي كان يتوقع الكثيرون أن ينحى جانباً لمواجهة الأزمة العالمية.

لقد قامت قوات الأمن مساء الجمعة 27 مارس 2020 بإلقاء القبض على المحامي ذو التاريخ الحقوقي والنقابي الممتد “محسن البهنسي” من منزله بحدائق حلوان وإقتياده إلى مكان مجهول حتى عرض على نيابة أمن الدولة  في اليوم التالي على ذمة القضية 558 لسنة 2020 حصر أمن دولة، ووجهت النيابة له الاتهامات المعتادة بالانضمام لجماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والتي أمرت بحبسه 15 يوماً على ذمة التحقيق لينضم إلي المحبوسين الذي كان يطالب بالإفراج عنهم لحمايتهم من الوباء.

جاء القبض على الأستاذ محسن متزامنًا مع بيان أصدرته النيابة العامة بكونها ستقوم بأداء دورها، وتطبيق نصوص القوانين؛ وستتصدى لنشر مثل تلك الشائعات والبيانات والأخبار الكاذبة، إعمالًا لنصوص المواد 80(د)، و102 مكرر، و188 من قانون العقوبات والتي تعاقب مُخالِفَيها بالحبس وبغرامة تصل إلى عشرين ألف جنيه، ولن تتوانى النيابة العامة في تطبيق القانون؛ ردعًا لكل مخالف، وحفاظًا على المجتمع من مَغَبَّةِ ذلك الُجرم وما يتبعه من آثار سلبية تطال جموع الشعب.

وجدير بالذكر أن المواد التي أشارت إليها النيابة في بيانها هي نفسها تلك التي يحاكم بها كل النشطاء السياسيين وكل ذو رأي في مصر منذ سنوات مرت، فلزمن طويل أصبح شبح “نشر أخبار كاذبة” يرفرف فوق رؤوس الجميع مع رفيقه “الإنضمام لتنظيم إرهابي” والذي أصبح إتهامًا كافيًا توجيهه حتى يمضي أي شخص سنوات محبوسًا إحتياطيًا دون أي دليل يذكر.

كان يجدر بالنيابة العامة أن تصدر أوامرها بملاحقة مطلقي الإشاعات الحقيقيين والذين يهدفون إلى إلحاق الضرر بالمواطنين وليس ملاحقة محام يطالب بتحقيق العدالة والأمن لمتهمين تحول حبسهم الإحتياطي لمخاطرة بحياتهم.

كما كان على مجلس النقابة العامة للمحامين أن يتخذ موقفا أكثر قوة في أول إختباراته بعد إنتخابه حديثًا، حيث أصدر السيد النقيب المنتخب بيانًا غاية في الضعف ولا يتضمن أي دفاع عن عضو النقابة ولا يدين الإجراءات غير القانونية التي واجهها، سواء بعدم إبراز إذن القبض عليه وإحتجازه في مكان غير معلوم في المخالفة للقانون والدستور، فضلا عن عدم وجود إتهام أو أدلة حقيقية ضده وأمر بحبسه إحتياطياً دون وجود مبررات لذاك الحبس الإحتياطي، بل اكتفى النقيب بأن يوجه نداء لمن يملك معلومات أو براهين لبراءة الأستاذ محسن، متجاهلًا المبدأ العام بأن الأصل في الإنسان البراءة ويجدر بالنيابة أن تأتي هي بأدلة إتهام حقيقية.

ويدعو مركز دعم السلطات المصرية، وإستكمالًا لمجهوداتها المقدرة لحماية المواطنين من جائحة الكورونا أن توضع الخلافات السياسية جانباً مع لإعطاء أولوية للحق في الحياة بالإفراج عن المحبوسين في غير قضايا العنف والإرهاب وخاصة المحبوسين سياسياً في قضايا لا تمثل أي خطورة على المواطنين أو الدولة.

ويشير مركز دعم أن هذا المسار يمثل المزيد من القمع لحريات المواطنين ويحمل رسالة قوية بإستمرار تصفية الحسابات لخلافات سياسية قديمة وعدم السماح لأحد بالتعبير عن أي رأي معارض لرؤية النظام الحاكم وهو الأمر الذي يفتح الباب للجماعات المتطرفة لجذب المزيد من العناصر التي لم تجد متنفسا لها بالطرق الديمقراطية.

كما يطالب مركز دعم السيد النائب العام والسلطة القضائية المصرية بأن ينؤوا عن المشاركة في الصراعات السياسية والسماح للسلطة التنفيذية والأمنية باستخدامهم لضرب المعارضين.

ويشدد على ضرورة مراجعة النظام السياسي المصري الحالي لطريقة تعامله مع النشطاء خاصة في ظل الإستقرار الحالي للسلطة السياسية إذ عليها أن تقبل أن إدارة الدول تفترض وجهات نظر سياسية مختلفة والتي يحميها الدستور والقانون ولا يمكن الإستمرار في التعامل معها بمنطق أمني بحت.

ويثمن كل جهود الأفراد المستمرين في محاولة الوقوف أمام نظام الرؤية الواحدة والرأي الواحد عالمين أن لا طريق للديمقراطية دون طرح العديد من الرؤى ووجهات النظر ولا سبيل للتغيير دون خوض المعارك المختلفة حتى وإن حمل ذلك أخطار التعرض للمحاكمة والإحتجاز والتشهير المتبع من قبل النظام الحالي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *