أوراقإصداراتالدولليبيامنتدى دعم

قوالب الإعلام الجاهزة في ليبيا.. ‏ مناقشة حول هيكلية التنوع السلبي للإعلام في ليبيا ‏

أبو بكر البيزنطي

يحتدم‭ ‬التطاحن‭ ‬العسكري‭ ‬والأيديولوجي‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬‏في‭ ‬ظل‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الخروقات‭ ‬الحقوقية‭ ‬والقانونية‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬أطراف‭ ‬الصراع‎‭ ‬‎الحالي،‭ ‬فما‭ ‬بين‭ ‬الفجوات‭ ‬الموجودة‭ ‬حاليًا‭ ‬لمستقبل‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬تبرز‭ ‬ضفة‭ ‬متوهجة‭ ‬بالصراعات‭ ‬القبلية‭ ‬والسياسية‭ ‬والمالية‭ ‬وضفة‭ ‬أخرى‭ ‬يتوقع‭ ‬منها‭ ‬انحدار‭ ‬المشهد‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أسوء‭. ‬‏

طبيعة‭ ‬الإعلام‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الصراعات‭ ‬المُشتعلة‭ ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬طبيعة‭ ‬فاعلة‭ ‬‏ومساهمة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الصراع‭ ‬وليست‭ ‬مفعولًا‭ ‬عليها‭ – ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬‏وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬تلعب‭ ‬دورًا‭ ‬رئيسيًا‭ ‬في‭ ‬توجيه‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬إلى‭ ‬إحدى‭ ‬‏القطبين‭ – ‬قطب‭ ‬أول‭ ‬موجب‭ ‬حيث‭ ‬الاستقرار‭ ‬والتوجه‭ ‬إلى‭ ‬صناديق‭ ‬الاقتراع‭ ‬‏ومرحلة‭ ‬الانتقال‭ ‬السلمي‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الانتخابات‭ ‬وتأسيس‭ ‬مجلس‭ ‬تشريعي‭ ‬‏مُوحد‭ ‬ودستور‭ ‬يتفق‭ ‬عليه‭ ‬كل‭ ‬الليبيون،‭ ‬وإما‭ ‬نحو‭ ‬قطب‭ ‬سالب‭ ‬حيث‭ ‬الفراغ‭ ‬‏الأمني‭ ‬والتوجس‭ ‬السياسي‭ ‬والشرخ‭ ‬الاجتماعي‭ ‬ودخول‭ ‬البلاد‭ ‬في‭ ‬دوامة‭ ‬‏الحروب‭ ‬اللامتناهية‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الوضع‭ ‬الآن‭ ‬بعد‭ ‬تسع‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬الثورة‭ – ‬وكلتا‭ ‬‏الحالتين‭ ‬تُسيطر‭ ‬عليهما‭ ‬الحوكمة‭ ‬الإعلامية‭ ‬والتي‭ ‬تتكون‭ ‬من‭ ‬أدوات‭ ‬الإعلام‭ ‬‏التقليدية‭ ‬أو‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬التي‭ ‬باتت‭ ‬هيمنتها‭ ‬هيمنة‭ ‬كبيرة‭ ‬‏وعظمى‭. ‬‏

يمكننا أن نُقسِّم الإعلام الليبي وفقًا للمعيار الزمني إلى ثلاث مراحل ‏أساسية:

المرحلة الأولى :

المرحلة‭ ‬الأولى‭ ‬وهي‭ ‬مرحلة‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬التحوُّل‭ ‬الديمقراطي2011‭  ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬‏جميع‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬مرتبطة‭ ‬بالإعلام‭ ‬العمومي‭ ‬الحكومي‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬‏والذي‭ ‬يُعد‭ ‬إعلامًا‭ ‬ذو‭ ‬قالب‭ ‬المرسل‭ ‬فقط‭ – ‬فلا‭ ‬دور‭ ‬للمتلقي‭ ‬أو‭ ‬الجمهور‭ ‬‏في‭ ‬صناعة‭ ‬المحتوى‭ ‬أو‭ ‬المادة‭ ‬المقدمة،‭ ‬فهذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الإعلام‭ ‬الأحادي‭ ‬‏يتسم‭ ‬بانعدام‭ ‬البرامج‭ ‬الحوارية‎‭ ‬‎والانتقادية‭ ‬او‭ ‬السكيتشات‭ ‬السياسية‭ ‬‏الساخرة‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬تقديم‭ ‬محتوى‭ ‬ينافي‭ ‬السياسة‭ ‬الإعلامية‭ ‬المرسومة‭ ‬مسبقًا‭ ‬‏من‭ ‬قبل‭ ‬نظام‭ ‬القذافي‭ ‬الشمولي‭ ‬والذي‭ ‬اعتُبر‭ ‬الإعلام‭ ‬فيه‭ ‬أداة‭ ‬مسيَّرة‭ ‬من‭ ‬‏قبله‭ ‬ولا‭ ‬يستطيع‭ ‬أحد‭ ‬الخروج‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬المسار‭. ‬‏

بعد‭ ‬أن‭ ‬استولى‭ ‬القذافي‭ ‬على‭ ‬السلطة‭ ‬في‭ ‬انقلاب‭ ‬في‭ ‬عام‎1969‭ ‬‎،‭ ‬أصبح‭ ‬‏المحتوى‭ ‬الإعلامي‭ ‬مُسيَّسًا‭ ‬بدرجة‭ ‬كبيرة‭ ‬لدعم‭ ‬النظام‭ ‬الجديد‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬‏على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ظهور‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬المحتوى‭ ‬السياسي‭ ‬المُسيس،‭ ‬كان‭ ‬‏يخضع‭ ‬لسيطرة‭ ‬الدولة‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬المنصوص‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ ‬القذافي‭ ‬‏الأخضر‭ ‬حول‭ ‬الفلسفة‭ ‬السياسية‭ ‬نُشر‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬‏‎1975‭)‬‭) ‬‎وقد‭ ‬تحقق‭ ‬ذلك‭ ‬‏من‭ ‬خلال‭ ‬ربط‭ ‬جميع‭ ‬المنظمات‭ ‬العامة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام،‭ ‬بـ‏‎”‎اللجان‭ ‬الشعبية‮»‬‭ ‬‎وفقًا‭ ‬للكتاب‭ ‬الأخضر‎‭-  ‬‎فوسيلة‭ ‬الإعلام‭ (‬الجماهيرية‭) ‬‏هي‭ ‬الوسيلة‭ ‬الوحيدة‭ ‬الناقلة‭ ‬لما‭ ‬يدور‭ ‬من‭ ‬أوضاع‭ ‬داخل‭ ‬البلاد‭ ‬أو‭ ‬خارجها،‭ ‬‏حيث‭ ‬كانت‭ ‬الصوت‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬يُردد‭ ‬ما‭ ‬يُطلب‭ ‬منه‭ ‬وبالتالي‭ ‬كانت‭ ‬هي‭ ‬‏المرّوج‭ ‬لأفكار‭ ‬وأخبار‭ ‬محددة‭ ‬تساهم‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬انغلاق‭ ‬المجتمع‭ ‬عن‭ ‬‏الواقع‭ ‬الموجود‭ ‬آنذاك،‭ ‬فكانت‭ ‬امتدادًا‭ ‬لسلطة‭ ‬الدولة‭ ‬تحت‭ ‬ذريعة‭ ‬الإصلاح‭ – ‬‏كما‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬حكومات‭ ‬دكتاتورية‭ ‬كحكومة‭ ‬القذافي،‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬قوانين‭ ‬أو‭ ‬‏تشريعات‭ ‬معينة‭ ‬خاصة‭ ‬بالإعلام‭ ‬لاسيما‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تحد‭ ‬من‭ ‬حُرية‭ ‬التعبير‭ ‬‏كونها‭ ‬تُعتبر‭ ‬قضايا‭ ‬تشهير‭ ‬أو‭ ‬تحريض‭ ‬وتفرقة،‭ ‬فكافة‭ ‬القوانين‭ ‬الليبية‭ ‬تُلزم‭ ‬‏الصحفي‭ ‬أو‭ ‬الإعلامي‭ ‬الرضوخ‭ ‬إلى‭ ‬سياسة‭ ‬الأمر‭ ‬الواقع‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬القانون‭ ‬‏الليبي‭ ‬لم‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬حفظه‭ ‬لحق‭ ‬ممارسة‭ ‬الصحافة‭ ‬أو‭ ‬العمل‭ ‬الإعلامي‭ ‬‏بكل‭ ‬حُرية‭ – ‬حيث‭ ‬يتناسى‭ ‬صناع‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬كليبيا‭ ‬الخوض‭ ‬في‭ ‬جانب‭ ‬‏الحُريات‭ ‬الفردية‭ ‬أو‭ ‬المهنية‭ ‬أو‭ ‬الفكرية‭ ‬فهذه‭ ‬تُعتبر‭ ‬التهديد‭ ‬الأول‭ ‬والأخير‭ ‬‏بالنسبة‭ ‬لهم‭. ‬‏

في‭ ‬السبعينيات‭ ‬وحتى‭ ‬منتصف‭ ‬الثمانينيات‭ ‬مورست‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التضييقات‭ ‬‏على‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬بسبب‭ ‬الانهيار‭ ‬الاقتصادي‭ ‬وتقليل‭ ‬الميزانية‭ ‬المُخصصة‭ ‬‏لدعم‭ ‬الإعلام‭ ‬العمومي،‭ ‬حيث‭ ‬أخذت‭ ‬الأوضاع‭ ‬السياسية‭ ‬المحلية‭ ‬مُقدمة‭ ‬‏الأخبار‭ ‬والمحتوى‭ ‬الإعلامي‭ ‬ولا‭ ‬صوت‭ ‬يعلو‭ ‬على‭ ‬صوت‭ ‬أحادية‭ ‬الحكومة‭ ‬‏الديكتاتوري‭ ‬رغم‭ ‬القول‭ ‬السائد‭ ‬للقذافي‭ ‬ضمن‭ ‬كتابه‭ ‬الأخضر‭ ‬وهو‭ (‬الصحافة‭ ‬أو‭ ‬الإعلام‭ ‬هي‭ ‬وسيلة‭ ‬تعبير‭ ‬المجتمع‭ ‬وليست‭ ‬وسيلة‭ ‬تعبير‭ ‬‏للشخص‭ ‬الطبيعي‭ ‬أو‭ ‬المعنوي،‭ ‬إذن‭ ‬منطقيًا‭ ‬وديمقراطيًا‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬‏ملكًا‭ ‬لأي‭ ‬منهما‭) (‬القذافي‭ ‬1984‭ – ‬ص‭ ‬68‭) ‬فاستمرت‭ ‬هذه‭ ‬التضييقات‭ ‬‏حتى‭ ‬أوائل‭ ‬التسعينيات‭ ‬بسبب‭ ‬العقوبات‭ ‬التي‭ ‬فُرضت‭ ‬على‭ ‬ليبيا‭ ‬بسبب‭ ‬قضية‭ ‬‏طائرة‭ ‬لوكيربي‭ ‬والتي‭ ‬على‭ ‬إثرها‭ ‬حظر‭ ‬على‭ ‬ليبيا‭ ‬استيراد‭ ‬الورق‭ ‬والوسائل‭ ‬‏التكنولوجية‭ ‬الحديثة‭ ‬لتواكب‭ ‬وسائل‭ ‬إعلام‭ ‬عربية‭ ‬وعالمية‭ ‬وهذا‭ ‬الذي‭ ‬زاد‭ ‬‏من‭ ‬بقائها‭ ‬داخل‭ ‬إطار‭ ‬مغلق‭ ‬غير‭ ‬نفاذ‭. ‬‏

كما‭ ‬أن‭ ‬استخدام‭ ‬خطاب‭ ‬الكراهية‭ ‬لدى‭ ‬الإعلام‭ ‬الليبي‭ ‬حتى‭ ‬التسعينيات‭ ‬كان‭ ‬‏خطابًا‭ ‬موجهًا‭ ‬لحكومات‭ ‬عدوة‭ ‬ودول‭ ‬أجنبية‭ ‬غير‭ ‬صديقة‭ ‬فكانت‭ ‬صفات‭ ‬‏الشتم‭ ‬والنعت‭ ‬بالإمبريالية‭ ‬والجوسسة‭ ‬لدول‭ ‬كأمريكا‭ ‬وبريطانيا‭ ‬هي‭ ‬محور‭ ‬‏أي‭ ‬محتوى‭ ‬تليفزيوني‭ ‬أو‭ ‬إذاعي‭ ‬مقدم‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ – ‬كما‭ ‬شهدت‭ ‬أيضًا‭ ‬‏عروضًا‭ ‬لبعض‭ ‬عمليات‭ ‬التصفية‭ ‬والإعدام‭ ‬المعلنة‭ ‬على‭ ‬التليفزيون‭ ‬مما‭ ‬أسمتهم‭ ‬‏الحكومة‭ ‬وامتداداتها‭ ‬الإعلامية‭ ‬بالكلاب‭ ‬الضالة،‭ ‬وهذا‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬‏هي‭ ‬الأعنف‭ ‬والأكثر‭ ‬تحريضًا‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الإعلام‭ ‬الليبي‭. ‬‏

ولكن‭ ‬مع‭ ‬بداية‭ ‬القرن‭ ‬الواحد‭ ‬والعشرين‭ – ‬قام‭ ‬سيف‭ ‬الإسلام‭ ‬في‏‎2006‭ ‬‎‭ ‬بتأسيس‭ ‬صحيفتي‭ ‬‮«‬أويا‮»‬‭ ‬و»قورينا‮»‬‭ ‬المنبثقة‭ ‬عن‭ ‬‮«‬مجموعة‭ ‬الغد‭ ‬الإعلامية‮»‬‭ ‬وكذلك‭ ‬‮«‬قناة‭ ‬الليبية‮»‬‭ ‬بسبب‭ ‬الانتقاد‭ ‬الدولي‭ ‬لسياسة‭ ‬والده‭ ‬التعسفية‭ ‬تُجاه‭ ‬حُرية‭ ‬‏التعبير‭ ‬والصحافة‭ – ‬بالتالي‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬مبادرة‭ ‬الإصلاح‭ ‬المزعومة‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬‏فرصة‭ ‬كبرى‭ ‬للصحفيين‭ ‬الجدد‭ ‬للانخراط‭ ‬بالعمل‭ ‬الصحفي‭ ‬مُقتصرين‭ ‬على‭ ‬‏الرقابة‭ ‬الصحفية‭ ‬التي‭ ‬تنقد‭ ‬شخص‭ ‬القذافي،‭ ‬ولكن‭ ‬لم‭ ‬يختلف‭ ‬كثيرًا‭ ‬أسلوب‭ ‬‏هذه‭ ‬الصحف‭ ‬عن‭ ‬سابقتها‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬نقص‭ ‬الموضوعية‭ ‬وتسييس‭ ‬‏المواد‭ ‬الإعلامية‭. ‬‏

المرحلة الثانية :

أما‭ ‬المرحلة‭ ‬الثانية‭ ‬وهي‭ ‬أحداث‭ ‬الثورة‭ ‬في‭ ‬سنة‭ ‬‏‎2011‎‏‭ ‬وهي‭ ‬نقطة‭ ‬تحول‭ ‬‏كُبرى‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬ليبيا‭ ‬والإعلام‭ ‬الليبي‭ – ‬فظهرت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القنوات‭ ‬الخاصة‭ ‬‏أثناء‭ ‬وبعد‭ ‬الثورة‭ ‬منها‭ ‬التي‭ ‬انطلقت‭ ‬من‭ ‬مدينة‭ ‬بنغازي‭ ‬بتراخيص‭ ‬مُنحت‭ ‬‏بسلاسة‭ ‬من‭ ‬المجلس‭ ‬الانتقالي‭ ‬آنذاك‭ ‬والذي‭ ‬لم‭ ‬يضع‭ ‬معايير‭ ‬مُعينة‭ ‬تضبط‭ ‬‏مهام‭ ‬وآلية‭ ‬عمل‭ ‬هذه‭ ‬القنوات‭ – ‬وأيضًا‭ ‬انطلقت‭ ‬قنوات‭ ‬خاصة‭ ‬آخرى‭ ‬والتي‭ ‬‏دُعِّمت‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬مُعينة‭ ‬كان‭ ‬لها‭ ‬دور‭ ‬في‭ ‬الإطاحة‭ ‬بحكم‭ ‬‏القذافي‭ ‬وإنهاء‭ ‬فترة‭ ‬رئاسته‭ ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬قطر‭ ‬والإمارات‭ ‬وتركيا،‭ ‬‏كما‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬القنوات‭ ‬ساهمت‭ ‬في‭ ‬الترويج‭ ‬لأفكار‭ ‬ثورجية‭ ‬معينة‭ ‬ساهمت‭ ‬‏في‭ ‬تضليل‭ ‬المُتلقي‭ ‬عن‭ ‬السياق‭ ‬العام‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬بث‭ ‬محتوى‭ ‬كاذب‭ ‬أو‭ ‬مبالغ‭ ‬‏فيه‭ ‬وأحيانًا‭ ‬خطاب‭ ‬مضاد‭ ‬يفتقد‭ ‬للقيمة‭ ‬العلمية‭ ‬أو‭ ‬الخبرية‭ ‬كالنعت‭ ‬بمسميات‭ ‬‏تحقيرية‭ ‬لشخصيات‭ ‬عامة‭ ‬أو‭ ‬سياسية‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬وضع‭ ‬حيثيات‭ ‬محددة‭ ‬شأنها‭ ‬‏تزييف‭ ‬الواقع‭ ‬المُعاش‭ ‬والأخبار‭ ‬الأصلية‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬حالات‭ ‬اللامهنية‭ ‬‏الإعلامية‭. ‬‏

اتسمت‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬بخطاب‭ ‬كراهية‭ ‬مباشر‭ ‬ساهم‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬الفروقات‭ ‬‏القبلية‭ ‬والمناطقية‭ ‬بين‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المدن‭ ‬الليبية،‭ ‬فما‭ ‬بين‭ ‬مؤيد‭ ‬ومعارض‭ ‬‏للثورة‭ ‬برزت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المسميات‭ ‬والنعوت‭ ‬الكارهة‭ ‬لكلا‭ ‬الطرفين‭ ‬والتي‭ ‬‏كانت‭ ‬بداية‭ ‬الشرخ‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الأول‭ – ‬لمرحلة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الثورة‭ – ‬حيث‭ ‬بثت‭ ‬‏مرات‭ ‬عديدة‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬القنوات‭ ‬الخاصة‭ ‬لمصطلحات‭: ‬طحلب،‭ ‬جرذان،‭ ‬‏أزلام‭ ‬وعبيد،‭ ‬عائدون،‭ ‬متآمرين،‭.. ‬إلخ‭. ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الخطاب‭ ‬هو‭ ‬‏الفتيلة‭ ‬الأولى‭ ‬للتفرقة‭ ‬بين‭ ‬الليبيين‭ ‬ووصفهم‭ ‬بأوصاف‭ ‬تحدد‭ ‬مدى‭ ‬انتماءاتهم‭ ‬‏وولاءاتهم‭ ‬السياسية‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬وهذا‭ ‬اضطر‭ ‬الكثيرين‭ ‬لاختيار‭ ‬خطاب‭ ‬‏مضاد‭ ‬يضمن‭ ‬لهم‭ ‬تواجدًا‭ ‬اجتماعيًا‭ ‬وأداة‭ ‬إعلامية‭ ‬لدفع‭ ‬الإقصاء‭ ‬الواقع‭ ‬‏عليهم‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬موجة‭ ‬القنوات‭ ‬الخاصة‭ ‬التي‭ ‬افتتحت‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬‏القصيرة‭ ‬جعلت‭ ‬من‭ ‬المتلقي‭ ‬غير‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬إدراك‭ ‬التوصيف‭ ‬الصحيح‭ ‬لمهنية‭ ‬‏الإعلام‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬غائبة‭ ‬عنه‭ ‬لعقود‭ ‬طويلة‭ ‬والتي‭ ‬يصعُب‭ ‬عليه‭ ‬تحديدها‭ ‬‏أثناء‭ ‬نشوة‭ ‬إنهاء‭ ‬حكم‭ ‬القذافي،‭ ‬بالتالي،‭ ‬فإن‭ ‬تلك‭ ‬القنوات‭ ‬كانت‭ ‬هي‭ ‬‏السبيل‭ ‬الوحيد‭ ‬لنقل‭ ‬وتبادل‭ ‬المعلومات‭ ‬والأخبار‭ ‬التي‭ ‬يرغب‭ ‬سماعها‭ ‬بغض‭ ‬‏النظر‭ ‬عن‭ ‬مدى‭ ‬صحتها‭ ‬من‭ ‬عدمه‭. ‬‏

مع‭ ‬بداية‭ ‬الأحداث‭ ‬المتسارعة‭ ‬للأوضاع‭ ‬أصبحت‭ ‬القنوات‭ ‬الليبية‭ ‬المُستحدثة‭ ‬‏هي‭ ‬السلعة‭ ‬الوحيدة‭ ‬الموجودة‭ ‬والمقدمة‭ ‬لمشاهديها‭ ‬أو‭ ‬وروادها‭ – ‬فمن‭ ‬‏خلال‭ ‬الانطلاقات‭ ‬الأولى‭ ‬لقناة‭ ‬‮«‬ليبيا‭ ‬الأحرار‮»‬‭ ‬التي‭ ‬قُدمت‭ ‬كهدية‭ ‬للشعب‭ ‬‏الليبي‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬دولة‭ ‬قطر‭ ‬بدافع‭ ‬تحفيز‭ ‬التحوُّل‭ ‬الديمقراطي‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬‏والتي‭ ‬قدمت‭ ‬محتوى‭ ‬يدعم‭ ‬الثورة‭ ‬في‭ ‬بدايتها‭ ‬وتذبذبت‭ ‬توجهاتها‭ ‬لاحقًا‭ ‬‏حسب‭ ‬تغير‭ ‬إدارتها‭ ‬وأهدافها‭ ‬من‭ ‬فترة‭ ‬إلى‭ ‬أخرى‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬ساهمت‭ ‬في‭ ‬‏تشكيل‭ ‬أصحاب‭ ‬المصالح‭ ‬ذوي‭ ‬الانتماءات‭ ‬الإسلامية‭ ‬كالإخوان‭ ‬المسلمين‭ ‬‏سواء‭ ‬كأحزاب‭ ‬أو‭ ‬أفراد‭ ‬أو‭ ‬جمعيات،‭ ‬كذلك‭ ‬بعض‭ ‬القنوات‭ ‬التي‭ ‬بُثت‭ ‬من‭ ‬‏دول‭ ‬أخرى‭ ‬كانت‭ ‬هي‭ ‬المصدر‭ ‬الوحيد‭ ‬لكل‭ ‬سلع‭ ‬الكراهية‭ ‬والخطاب‭ ‬‏المعادي‭ ‬ولغة‭ ‬التشكيك‭ ‬في‭ ‬الآخرين،‭ ‬كما‎‭ ‬‎سمحت‭ ‬لنفسها‭ ‬باستقطاب‭ ‬‏عشرات‭ ‬من‭ ‬الأبواق‭ ‬الإعلامية‭ ‬التي‭ ‬ساهمت‭ ‬في‭ ‬تأجيج‭ ‬الوضع‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬‏وإحداث‭ ‬البروباجندا‭ ‬المطلوبة‭. ‬‏

المرحلة الثالثة :

أما‭ ‬المرحلة‭ ‬الثالثة‭ ‬والتي‭ ‬جاءت‭ ‬بعد‭ ‬‏‎2014‎‭ ‬والتي‭ ‬تغيرت‭ ‬فيها‭ ‬أطراف‭ ‬‏الصراع‭ ‬الإعلامي‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬صغرى‭ ‬متعددة‭ ‬إلى‭ ‬أقطاب‭ ‬كبرى‭ ‬واضحة‭ ‬‏مما‭ ‬جعل‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬تلعب‭ ‬بشكل‭ ‬أوضح‭ ‬وهوية‭ ‬مباشرة‭ ‬دون‭ ‬إخفاء‭ ‬‏نفسها‭ ‬وراء‭ ‬مسميات‭ ‬خوارزمية‭ ‬معقدة‭ – ‬فأصبح‭ ‬الخطاب‭ ‬المُوجَّه‭ ‬ليس‭ ‬‏للساسة‭ ‬فقط‭ ‬أو‭ ‬حكومة‭ ‬معينة‭ ‬بل‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬المنصات‭ ‬تدعم‭ ‬أمراء‭ ‬حرب‭ ‬‏وتشكيلات‭ ‬مُسلحة‭ ‬للغزو‭ ‬على‭ ‬مدن‭ ‬ومناطق‭ ‬معينة‭ – ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬الخطاب‭ ‬‏أكثر‭ ‬حدة‭ ‬وتحريضًا،‭ ‬فمن‭ ‬ناحية‭ ‬ما‭ ‬أصبح‭ ‬لدى‭ ‬هذه‭ ‬المنصات‭ ‬سُبل‭ ‬تمويل‭ ‬‏أجنبية‭ ‬تضخ‭ ‬لها‭ ‬بشكل‭ ‬مستمر‭ ‬كونها‭ ‬تدعم‭ ‬طرفًا‭ ‬واضحًا‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الحرب،‭ ‬‏كما‭ ‬أن‭ ‬موقفها‭ ‬أصبح‭ ‬مدعومًا‭ ‬من‭ ‬قاعدة‭ ‬جماهيرية‭ ‬لا‭ ‬بأس‭ ‬بها‭ ‬كونها‭ ‬تمثل‭ ‬‏أراءهم‭ ‬ووجهات‭ ‬نظرهم‭. ‬‏

ما‭ ‬تميزت‭ ‬به‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬هي‭ ‬سرعة‭ ‬وتنوع‭ ‬خطاب‭ ‬الكراهية‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬‏تغطيات‭ ‬إخبارية‭ ‬مكذوبة‭ ‬وأشرطة‭ ‬أخبار‭ ‬مليئة‭ ‬بالمغالطات‭ ‬النصية‭ ‬‏والمعلوماتية،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تناول‭ ‬بعض‭ ‬المواضيع‭ ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬بشكل‭ ‬‏وقتي‭ ‬وصريح‭ ‬دون‭ ‬عمل‭ ‬مراجعات‭ ‬أو‭ ‬مونتاج‭ ‬لتلك‭ ‬المواد‭ ‬المُحضرة‭ ‬مسبقًا،‭ ‬‏بل‭ ‬العكس،‭ ‬معظم‭ ‬القنوات‭ ‬تحاول‭ ‬إبراز‭ ‬أسوء‭ ‬ما‭ ‬لديها‭ ‬من‭ ‬أسلحة‭ ‬إعلامية‭ ‬‏في‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬لتثبت‭ ‬فقط‭ ‬صحة‭ ‬الطرف‭ ‬المساند‭ ‬من‭ ‬قبلها،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬‏تلك‭ ‬السنة‭ ‬هي‭ ‬مرحلة‭ ‬مفصلية‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬حروب‭ ‬أهلية‭ ‬ظلت‭ ‬لسنوات‭ ‬‏ويتوقع‭ ‬منها‭ ‬الاستمرار‭ ‬لما‭ ‬هو‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬ذلك‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الطبيعة‭ ‬العدوانية‭ ‬‏التي‭ ‬خلفتها‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬بما‭ ‬يعرف‭ ‬لدى‭ ‬الليبيين‭ (‬سنة‭ ‬حرب‭ ‬المطار‭) ‬‏أخذت‭ ‬في‭ ‬التوسع‭ ‬لدى‭ ‬الكثيرين‭ ‬من‭ ‬مُقدمي‭ ‬الأخبار‭ ‬والبرامج‭ ‬اليوم‭ ‬فهي‭ ‬‏أصبحت‭ ‬المعيار‭ ‬الأساسي‭ ‬الذي‭ ‬يبدأون‭ ‬منه‭ ‬لشجب‭ ‬أو‭ ‬مناهضة‭ ‬مدينة‭ ‬أو‭ ‬‏فئة‭ ‬أو‭ ‬عنصر‭ ‬ما‭. ‬‏

وعلى‭ ‬مر‭ ‬هذه‭ ‬السنوات‭ ‬والمراحل‭ ‬فإن‭ ‬الإعلام‭ ‬الليبي‭ ‬تطبّع‭ ‬بأشكال‭ ‬‏وأدوات‭ ‬هي‭ ‬الأخطر‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬إعلاميًا‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬تبني‭ ‬العنف‭ ‬اللفظي‭ ‬‏والتحريض‭ ‬على‭ ‬القتل‭ ‬والغزو‭ ‬ونشب‭ ‬الحروب‭ ‬بين‭ ‬المتنازعين،‭ ‬بالإضافة‭ ‬‏إلى‭ ‬اللغة‭ ‬الهجومية‭ ‬التي‭ ‬ساهمت‭ ‬في‭ ‬تأخير‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬تناقل‭ ‬‏السلطة‭ ‬سلميًا‭ ‬بين‭ ‬الحكومات‭ ‬والمراكز‭ ‬القيادية‭ ‬في‭ ‬الدولة‭. ‬‏

ورغم‭ ‬إدراك‭ ‬الجميع‭ ‬لخطورة‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الخطاب‭ ‬على‭ ‬العملية‭ ‬‏السياسية‭ ‬والظروف‭ ‬الاقتصادية‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الوسائل‭ ‬الإعلامية‭ ‬‏تأخذ‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬شعبية‭ ‬متزايدة‭ ‬ومصادر‭ ‬تمويل‭ ‬مُتعددة‭ ‬وغير‭ ‬مُنقطعة‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬‏أصبحت‭ (‬تتكاثر‭) ‬وتتجدد‭ ‬بطرق‭ ‬متنوعة‭ ‬كقناة‭ ‬‏‎218‎‭ ‬التي‭ ‬أخذت‭ ‬على‭ ‬عاتقها‭ ‬‏مُهمة‭ ‬إخبارية‭ ‬كاملة‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬تخصيص‭ ‬قناة‭ ‬لهذا‭ ‬الشأن‭ ‬والتي‭ ‬تستقي‭ ‬‏معظم‭ ‬أخبارها‭ ‬من‭ ‬صفحات‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬التي‭ ‬تفتقد‭ ‬في‭ ‬‏بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬إلى‭ ‬مصدر‭ ‬ومصداقية‭ ‬الخبر‭, ‬غير‭ ‬أن‭ ‬محاولات‭ ‬القناة‭ ‬للنفاد‭ ‬‏إلى‭ ‬المعلومة‭ ‬أو‭ ‬الولوج‭ ‬إلى‭ ‬الخبر‭ ‬في‭ ‬غالبه‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬سريعًا‭ ‬وعاجلًا‭ ‬ولكنه‭ ‬‏يفتقد‭ ‬إلى‭ ‬الأهمية‭ ‬أو‭ ‬التوقيت‭ ‬الصحيح‭. ‬أما‭ ‬قنوات‭ ‬كقناة‭ ‬الحدث‭ ‬التي‭ ‬تدعم‭ ‬‏عسكرة‭ ‬الدولة‭ ‬دون‭ ‬الالتفات‭ ‬إلى‭ ‬طموحات‭ ‬الليبيين‭ ‬في‭ ‬نيل‭ ‬ديمقراطيتهم‭ ‬‏التي‭ ‬ناضلوا‭ ‬من‭ ‬أجلها‭ ‬طيلة‭ ‬هذه‭ ‬السنوات،‭ ‬تحاول‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬خطابها‭ ‬‏المُحرض‭ ‬على‭ ‬تكميم‭ ‬الأفواه‭ ‬المنتقدة‭ ‬أو‭ ‬الداعمة‭ ‬لطرف‭ ‬مضاد،‭ ‬فقد‭ ‬‏شوهدت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المرات‭ ‬التي‭ ‬يقمع‭ ‬فيها‭ ‬المشاركون‭ ‬في‭ ‬الحلقات‭ ‬‏المباشرة‭ ‬للبرامج‭ ‬أو‭ ‬التغطيات‭ ‬من‭ ‬الحديث‭ ‬بشكل‭ ‬مفتوح‭ ‬وصريح‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬‏جعل‭ ‬ميول‭ ‬القناة‭ ‬واضحة‭ ‬للكثير‭ ‬من‭ ‬المتابعين‭ ‬والمراقبين‭ ‬الإعلاميين‭. ‬‏

ورغم‭ ‬تكرر‭ ‬حالات‭ ‬خطاب‭ ‬الكراهية‭ ‬واللُغة‭ ‬التحريضية‭ ‬وحالات‭ ‬التشهير‭ ‬‏بشكل‭ ‬عام‭ ‬فإنه‭ ‬لم‭ ‬تُسنْ‭ ‬أي‭ ‬قوانين‭ ‬أو‭ ‬قرارات‭ ‬تحد‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬‏الوزارات‭ ‬المتواردة‭ ‬والهيئات‭ ‬المختصة‭ – ‬وهذا‭ ‬بالطبع‭ ‬سيحول‭ ‬دون‭ ‬إنهاء‭ ‬‏هذه‭ ‬المعضلة‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تتسبب‭ ‬في‭ ‬نشوب‭ ‬حروب‭ ‬آخرى‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬‏لها‭ ‬وجود‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬تم‭ ‬تطبيق‭ ‬رادعٍ‭ ‬مادي‭ ‬أو‭ ‬عقوبة‭ ‬معينة‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬‏تقلل‭ ‬هذا‭ ‬الخطاب‭ ‬المسموم‭. ‬‏

نهايةً‭, ‬جل‭ ‬الانقسامات‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬هي‭ ‬امتداد‭ ‬لانقسامات‭ ‬إعلامية‭ ‬أولية‭ ‬‏عملت‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬حيادي‭ ‬وفقًا‭ ‬لمصادر‭ ‬تمويلها‭ ‬المالي‭ ‬والجهة‭ ‬أو‭ ‬المنطقة‭ ‬‏التي‭ ‬تبُث‭ ‬منها‭ ‬والتيار‭ ‬السياسي‭ ‬الذي‭ ‬تناصره‭ – ‬سواء‭ ‬أكان‭ ‬ليبراليًا‭ ‬أو‭ ‬‏إسلاميًا‭ ‬أو‭ ‬غيره‭.. ‬فالوقوف‭ ‬وراء‭ ‬إصلاح‭ ‬الإعلام‭ ‬بشكل‭ ‬جدي‭ ‬هو‭ ‬أولى‭ ‬‏خطوات‭ ‬الإصلاح‭ ‬السياسي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬أيضًا‭ – ‬لأنه‭ ‬بتوقف‭ ‬ضخ‭ ‬‏السموم‭ ‬يتوقف‭ ‬هيجان‭ ‬تلك‭ ‬الكيانات‭ ‬والأجسام‭ ‬المسلحة‭ ‬والسياسية‭.‬‏

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *