الدولبياناتمصر

مظاليم وسط البلد .. لمحة متأخرة من العدالة

في ظل الانهيار الضخم لمعايير العدالة في أحكام وقرارات وتصرفات السلطة القضائية المصرية في السنوات الأخيرة، وتبعيته التامة للسلطة التنفيذية، والألاف من أحكام الحبس الجائرة وأحكام الإعدامات الجماعية التي لا ترتكز على أي أدلة حقيقية، فوجئ الجميع بقرار من محكمة النقض المصرية أثناء نظر الطعن المقدم من 105 متهم في القضية الشهيرة “مظاليم وسط البلد” بإخلاء سبيلهم جميعا مع تأجيلها لجلسة 3 فبراير لضم مفردات القضية تمهيداً لإعادة محاكمة المتهمين، وبتلك الجلسة أستمر التأجيل لجلسة 17 فبراير لسماع مرافعات الدفاع.

تبدأ قصة مظاليم وسط البلد في 25 يناير 2014 بعد أن دعا السيد رئيس الجمهورية والسيد وزير الداخلية المواطنين للنزول بالملايين للمشاركة فى احتفالية ثورة 25 يناير والتي كانت الذكرى الأولى للثورة بعد 30 يونيو 2013، إلا أن تلك الإحتفالات تحولت إلي حملة إعتقالات ضخمة حين دعت القوى المدنية لإحياء ذكرى شهداء الثورة والتأكيد على مطالبها، فواجهتهم قوات الأمن بالعنف الذي أدى إلى إلقاء القبض على أكثر من ألف مواطن في أنحاء الجمهورية، تحولت إلى إشتباكات عنيفة في منطقة وسط البلد أدت إلى مقتل 7 من المتظاهرين.

وكعادة الشرطة المصرية قامت بتوجيه الإتهام بقتل المتظاهرين إلى زملائهم في المظاهرة وتحويلهم للنيابة العامة بإتهامات القتل وحمل السلاح فضلا عن التظاهر والتجمهر، وقامت النيابة العامة بنظر القضية التي تضمنت 227 متهم حبستهم إحتياطياً لمدد ترواحت فيما بينهم من 4 أيام و4 أشهر.

بعد إخلاء سبيل المتهمين تباعاً وظن الجميع أن القضية مصيرها الحفظ خاصة وأن القضايا الأخرى في مناطق أخري فى القاهرة والتي حدثت في نفس اليوم إنتهت جميعها ببراءة المتهمين، ولكن أيهم لم يكن بها شهداء ومصابين كقضية مظاليم، وبالفعل بعد أكثر من عام من القضية والتي تحمل  رقم 12096  لسنة 2014 جنايات عابدين والمقيدة برقم 1561  لسنة 2014 كلي وسط القاهرة تم تحويلها للمحاكمة أمام الدائرة 21 إرهاب وتداولت الجلسات حتى صدر بها الحكم أخيرا عام 2017 حضورياً بحبس 15 متهم سنة مع الشغل والمراقبة الشرطية لمدة سنة، ولباقي المتهمين غيابياً بالحبس 10 سنوات المراقبة الشرطية لمدة سنة، وذلك بعد تبرئتهم من إتهامات القتل والشروع في قتل وحمل السلاح، وهو الحكم الذي أعتبره الكثيرون إنجازا بالنظر لأحكام القضايا السياسي المماثلة والتي تحمل المئات من أحكام الإعدام، وتقدم المتهمين ال15 بالطعن بالنقض إلا أن الطعن قد رفض علي عكس توقعهات جميع المتابعين.

نشرت صفحة «مظاليم وسط البلد» صورا للحظات خروج المعتقلين من السجن، حيث كان في استقبالهم عدد من أهالي المعتقلين وأصدقائهم يوم الإثنين 5 مايو 2014

بعد الحكم تقدم 128 شخص من المتهمين لإعادة محاكماتهم طمعا في المزيد من العدالة، وصدر الحكم في عام 2019 علي 121 متهم بالحبس سنة مع الشغل والمراقبة الشرطية لمدة سنة، وصدر ل7 منهم بالبحبس 3 سنوات مع الشغل والمراقبة الشرطية لمدة سنة، وتقدم منهم 105 متهم بالطعن بالنقض بدون أمل كبير بالنظر إلي حكم النقض الصادر للمجموعة السابقة وبالأخص أن نيابة النقض قد أودعت مذكرة برفض الطعن بالنقض لأغلب المتهمين.

إلا أن يوم 20 يناير 2020 وبعد مرور 6 سنوات علي بدء القضية أخيرا رأي “المظاليم” لمحة متأخرة من العدالة حين نظرت محكمة النقض طعنهم الذي حمل رقم 15776 لسنة 89 قضائياً وأخلت سبيل جميع المتهمين وأمرت بتأجيل القضية لجلسة 3 فبراير لضم المفردات وإعادة محاكمة المتهمين والتي تأجلت بدورها لجلسة 17 فبراير.

الحكم وإن كان لا يبرئ المتهمين بعد، لكنه يعطيهم أملا كبيرا في خروجهم من القضية دون أيام حبس إضافية.

ويشيد مركز “دعم” بشرفاء القضاء المصري ممن يصرون على التمسك بهيبة القضاء المصري وشموخه وينصاعون لصحيح أحكام القانون والعدالة.

ويدعو مركز “دعم” باقي أعضاء السلطة القضائية المصرية بأخذ المثل الجيد من هؤلاء القضاة الشرفاء والعمل على إستعادة إستقلال السلطة القضائية وتذكر دورهم الحقيقي في تطبيق العدالة.

ويشيد مركز “دعم” بجميع المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر والذين يعملون على تحقيق العدالة ولو كانت بأمال ضعيفة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *