إصداراتالدولتونسحواراتمنتدى دعم

حوار مع “منال بن عاشور” منسقة مشاريع منظمة “أنا يقظ”

تعتبر‭ ‬منظمة‭ ‬“أنا‭ ‬يقظ”‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أهم‭ ‬المنظمات‭ ‬التونسية‭ ‬التي‭ ‬تشتغل‭ ‬على‭ ‬ملف‭ ‬مكافحة‭ ‬الفساد‭ ‬والحوكمة‭ ‬الرشيدة‭ ‬في‭ ‬الجمهورية‭ ‬التونسية،‭ ‬وهي‭ ‬منظمة‭ ‬رقابية‭ ‬تونسية‭ ‬غير‭ ‬ربحية‭ ‬مستقلة‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬مكافحة‭ ‬الفساد‭ ‬المالي‭ ‬والإداري‭ ‬وتدعيم‭ ‬الشفافية‭. ‬أصبحت‭ ‬‮«‬أنا‭ ‬يقظ‮»‬‭ ‬نقطة‭ ‬الإتصال‭ ‬الرسمية‭ ‬ل»منظمة‭ ‬الشفافية‭ ‬الدولية‮»‬‭ ‬بتونس‭ ‬في‭ ‬نوفمبر‭ ‬2013،‭ ‬وهي‭ ‬منذ‭ ‬29‭ ‬جانفي‭/‬يناير‭ ‬2017،‭ ‬الفرع‭ ‬تحت‭ ‬التأسيس‭ ‬ل»منظمة‭ ‬الشفافية‭ ‬الدولية‮»‬‭ ‬بتونس،‭ ‬كما‭ ‬توّجت‭ ‬‮«‬منظمة‭ ‬أنا‭ ‬يقظ‮»‬‭ ‬15‭ ‬أكتوبر‭ ‬2017،‭ ‬‮«‬ببرلين‮»‬‭ ‬‮«‬بجائزة‭ ‬Amalia”‭ ‬للنزاهة‭ ‬لسنة‭ ‬2017‭ ‬التي‭ ‬تشرف‭ ‬عليها‭ ‬سنويًا‭ ‬‮«‬منظمة‭ ‬الشفافية‭ ‬الدولية‮»‬‭.‬

وبإعتبار‭ ‬أهمية‭ ‬نشاطاتها‭ ‬ومشاريعها‭ ‬الداعمة‭ ‬لمكافحة‭ ‬الفساد‭ ‬ارتأى‭ ‬‮«‬مركز‭ ‬دعم‮»‬‭ ‬ضرورة‭ ‬القيام‭ ‬بمقابلة‭ ‬مع‭ ‬احد‭ ‬أعضائها‭ ‬للوقوف‭ ‬على‭ ‬رأيها‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬جوانبه‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬أعلنها‭ ‬النظام‭ ‬التونسي‭ ‬ممثلًا‭ ‬في‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬لمكافحة‭ ‬الفساد‭ ‬و‭ ‬فيما‭ ‬يلي‭ ‬الحوار‭ ‬كاملًا‭ ‬مع‭ ‬منسقة‭ ‬المشاريع‭ ‬في‭ ‬المنظمة‭ ‬‮«‬منال‭ ‬بن‭ ‬عاشور‮»‬‭.‬

في‭ ‬البداية‭ ‬هل‭ ‬يعتبر‭ ‬ملف‭ ‬مكافحة‭ ‬الفساد‭ ‬خيارًا‭ ‬للحكومة،‭ ‬أم‭ ‬انه‭ ‬ضرورة‭ ‬فرضها‭ ‬المانحون‭ ‬الدوليون‭ ‬كشرط‭ ‬لمواصلة‭ ‬تقديم‭ ‬المساعدات‭ ‬له؟‭ ‬أم‭ ‬هي‭ ‬إرادة‭ ‬مجتمعية‭ ‬ظهرت‭ ‬خلال‭ ‬الثورة‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مطالبات‭ ‬الأحزاب‭ ‬والمجتمع‭ ‬المدني؟

محاربة‭ ‬الفساد‭ ‬هي‭ ‬موضة‭ ‬ظهرت‭ ‬مؤخرًا‭ ‬في‭ ‬2016‭ ‬وبالنسبة‭ ‬لمحاربة‭ ‬الفساد‭ ‬يستعمل‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬الحكومة‭ ‬كسلاح‭ ‬لأنه‭ ‬لم‭ ‬نرى‭ ‬محاربة‭ ‬فعلية‭ ‬للفساد لأن‭ ‬هذه‭ ‬الأخيرة تترجم‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬أرقام‭ ‬لكننا‭ ‬لا‭ ‬نرى‭ ‬هذه‭ ‬الأرقام‭. ‬فمثلًا‭ ‬مؤشر‭ ‬مدركات‭ ‬الفساد‭ ‬لا‭ ‬نرى‭ ‬فيه‭ ‬تحسن‭ ‬في‭ ‬مرتبة‭ ‬تونس‭ ‬مقارنةً‭ ‬بما‭ ‬نسمعه‭ ‬يوميًا‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬تقول‭ ‬الحكومة‭ ‬أنها‭ ‬تشنها‭ ‬لمحاربة‭ ‬الفاسدين‭ ‬ورغم‭ ‬وضع‭ ‬قوانين‭ ‬في‭ ‬الموضوع‭ ‬ولكن‭ ‬هناك‭ ‬حرب‭ ‬إنتقائية‭ ‬على‭ ‬الفساد‭ ‬وحسب‭ ‬رأيي‭ ‬هي‭ ‬حرب‭ ‬دون‭ ‬جدوى‭ ‬خاصةً‭ ‬مع‭ ‬مثل‭ ‬ملف‭ ‬‮«‬توبيك‮»‬‭ ‬إذ‭ ‬تمت‭ ‬إقالة‭ ‬وزير‭ ‬الطاقة‭ ‬وإلحاقها‭ ‬بوزارة‭ ‬الصناعة‭ ‬وتجدر‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬ملف‭ ‬الطاقة‭ ‬من‭ ‬الملفات‭ ‬الحساسة‭ ‬بإعتباره‭ ‬موضوعًا‭ ‬تقنيًا‭ ‬مرتبطا‭ ‬بالثروة‭ ‬الطبيعية‭. ‬وقد‭ ‬تمت‭ ‬إقالة‭ ‬كامل‭ ‬الوزارة‭ ‬مع‭ ‬عزوف‭ ‬المستثمرين‭ ‬ونزول‭ ‬مستوى‭ ‬الدينار‭ ‬تعتبر‭ ‬هذه‭ ‬الإقالة‭ ‬رسالةً‭ ‬سلبية‭ ‬للعالم‭ ‬فبعد‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬تم‭ ‬إلحاقها‭ ‬بوزارة‭ ‬الصناعة،‮ ‬وأبسط‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬قوله‭ ‬أن‭ ‬وزير‭ ‬الصناعة‭ ‬غير‭ ‬ملم‭ ‬بقطاع‭ ‬الطاقة‭. ‬وفي‭ ‬التحوير‭ ‬الوزاري‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬وضع‭ ‬وزير‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬الطاقة‭. ‬حسب‭ ‬ما‭ ‬أراه‭ ‬فان‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬الفساد‭ ‬تأتي‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬تصفية‭ ‬الحسابات‭ ‬وكأنها‭ ‬بطاقة‭ ‬يقع‭ ‬إستعمالها‭ ‬في‭ ‬صورة‭ ‬وجود‭ ‬تهديدات‭ ‬خارجية‭ ‬أو‭ ‬غضب‭ ‬الشارع‭.‬‮ ‬

كل‭ ‬الحكومات‭ ‬المتعاقبة‭ ‬منذ‭ ‬الثورة‭ ‬إعتبرت‭ ‬مسالة‭ ‬الفساد‭ ‬من‭ ‬أولوياتها‭ ‬و‭ ‬رغم‭ ‬ذلك،‭ ‬لم‭ ‬تتقدم‭ ‬كثيرًا‭ ‬في‭ ‬مسار‭ ‬مكافحة‭ ‬التهريب‭ ‬وتبييض‭ ‬الأموال‭ ‬والجريمة‭ ‬المنظمة،‭ ‬فسنة‭ ‬2018،‭ ‬صنفت‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬المرتبة‭ ‬74‭ ‬من‭ ‬ضمن‭ ‬180‭ ‬دولة‭ ‬ضمن‭ ‬مؤشّر‭ ‬مدركات‭ ‬الفساد،‭ ‬وعكس‭ ‬تقدمًا‭ ‬برتبة‭ ‬واحدة‭ ‬مقارنة‭ ‬بمؤشر‭ ‬سنة‭ ‬2016،‭ ‬حسب‭ ‬رأيكم‭ ‬من‭ ‬المسؤول‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الوضعية؟‮ ‬

المسؤول‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الوضعية‭ ‬هو‭ ‬تبجيل‭ ‬المصالح‭ ‬والمطامع‭ ‬والطموحات‭ ‬السياسية‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬محاربة‭ ‬الفساد‭ ‬وعلى‭ ‬حساب‭ ‬المواطن‭. ‬فبعد‭ ‬مرورنا‭ ‬بعدة‭ ‬محطات‭ ‬إنتخابية‭ ‬كان‭ ‬الشغل‭ ‬الأول‭ ‬لكل‭ ‬السياسيين‭ ‬هو‭ ‬إستقطاب‭ ‬حاضنة‭ ‬شعبية‭ ‬بوعود‭ ‬زائفة‭ ‬ولا‭ ‬يتم‭ ‬تطبيقها‭ ‬فعليًا،‭ ‬ولكن‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬يمنعنا‭ ‬من‭ ‬ذكر‭ ‬شيء‭ ‬إيجابي‭ ‬هو‭ ‬قانون‭ ‬حماية‭ ‬المبلغين‮ ‬‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬غير‭ ‬مفعل‭ ‬كما‭ ‬يجب‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الهيئة‭ ‬الوطنية‭ ‬لمكافحة‭ ‬الفساد‮»‬‭ ‬عاجزة‭ ‬عن‭ ‬حماية‭ ‬المبلغين‭. ‬ولا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬ننسى‭ ‬أنه‭ ‬أصبح‭ ‬لنا‭ ‬‮«‬قانون‭ ‬النفاذ‭ ‬للمعلومة‮»‬‭ ‬وهو‭ ‬مكسب‭ ‬مهم‭ ‬وأخيرًا‭ ‬هناك‭ ‬أيضًا‭ ‬‮«‬قانون‭ ‬التصريح‭ ‬بالممتلكات‭ ‬والمصالح‮» ‬‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬حسب‭ ‬رأيي‭ ‬فإن‮ ‬‭ ‬قانون‭ ‬التصريح‭ ‬بالمكاسب‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬موجود‭ ‬الآن‭ ‬يتسم‭ ‬بالشمولية‭ ‬والتعميم،‭ ‬إذ‭ ‬أنه‭ ‬يشمل‭ ‬350000‭ ‬موظف‮ ‬‭ ‬والهيئة‭ ‬هي‭ ‬المسؤولة‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬وإمكانياتها‭ ‬محدودة‭ ‬و‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬يتطلب‭ ‬عدة‭ ‬موارد‭ ‬مادية‭ ‬وبشرية‭ ‬ولوجستية‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬فئة‭ ‬غير‭ ‬واضحة‭ ‬مثل‭ ‬مسيري‭ ‬الجمعيات،‭ ‬هل‭ ‬المدير‭ ‬التنفيذي‭ ‬نعتبره‭ ‬مسير،‭ ‬أم‭ ‬فقط‭ ‬المجلس‭ ‬الإستشاري‭ ‬أم‭ ‬كل‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬الجمعيات؟‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬توجد‭ ‬مرحلة‭ ‬ثانية‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬التثبت‭ ‬من‭ ‬صحة‭ ‬المعلومات‭ ‬ولو‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬معلومات‭ ‬خاطئة‮ ‬‭ ‬هناك‭ ‬تتبعات‭ ‬وعقوبات‭.‬

القانون‭ ‬جيد‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬نقتل‭ ‬محتوى القانون‭ ‬فقط‭ ‬لأن‭ ‬نطاقه‭ ‬شامل‭ ‬وواسع‭ ‬جدًا‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬هناك‭ ‬غياب‭ ‬للوضوح‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬سيقع‭ ‬إعتماد‭ ‬التصاريح‭ ‬القديمة‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تقديمها‭ ‬في‭ ‬دائرة‭ ‬المحاسبات،‭ ‬أم‭ ‬سيقع‭ ‬إعتماد‭ ‬التصاريح‭ ‬التي‭ ‬تمت‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬الهيئة؟‭.‬

ترفع‭ ‬الحكومة‭ ‬التونسية‭ ‬شعار‭ ‬محاربة‭ ‬الفساد‭ ‬ولاحقت‭ ‬بالفعل‭ ‬بعض‭ ‬الفاسدين،‭ ‬ولكن‭ ‬ألا‭ ‬ترون‭ ‬أنها‭ ‬مجرد‭ ‬حملة‭ ‬إنتقائية‭ ‬لغايات‭ ‬إعلامية‭ ‬تندرج‭ ‬ضمن‭ ‬صراع‭ ‬أجنحة‭ ‬الحكم؟

كما‭ ‬تم‭ ‬الإجابة‭ ‬في‭ ‬الأسئلة‭ ‬السابقة‭ ‬نحن‭ ‬نرى‭ ‬أن‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬الفساد‭ ‬هي‭ ‬حرب‭ ‬إنتقائية‭ ‬إبتدأت‭ ‬ووقفت‭ ‬ولكن‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬الفساد‭ ‬لا‭ ‬تقف‭ ‬فهناك‭ ‬عدة‭ ‬أشخاص‭ ‬معروفين‭ ‬مثل‭ ‬المهربين‭ ‬وغيرهم‭ ‬الكثيرين،‭ ‬ولكن‭ ‬لم‭ ‬تتم‭ ‬محاسبتهم‭ ‬كما‭ ‬نرى‭ ‬بعد‭ ‬الحادثة‭ ‬التي‭ ‬وقعت‭ ‬مؤخراً‭ ‬إذ‭ ‬تم‭ ‬رفع‭ ‬التجميد‭ ‬على‭ ‬أموال‭ ‬‮«‬مروان‭ ‬المبروك‮»‬‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬قائمة‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬48‭ ‬أسم‭ ‬تمت‭ ‬المطالبة‭ ‬برفع‭ ‬التجميد‭ ‬على‭ ‬أمواله‭ ‬هو‭ ‬فقط،‭ ‬فكيف‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬أننا‭ ‬نحارب‭ ‬الفساد‭ ‬بالإضافة‭ ‬ل»قانون‭ ‬المصالحة‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬تمريره‭ ‬بتواطؤ‭ ‬وبدعم‮ ‬‭ ‬كل‭ ‬الأطراف‭ ‬السياسية‭ ‬فهو‭ ‬قانون‭ ‬تم‭ ‬صياغته‭ ‬للإفلات‭ ‬من‭ ‬العقاب،‭ ‬فكيف‭ ‬يمكن‭ ‬تفسير‭ ‬أنك‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬تحارب‭ ‬الفساد‭ ‬ومن‭ ‬ناحية‭ ‬ثانية‭ ‬تمرر‭ ‬كهذا‭ ‬القانون‭. ‬وتجدر‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬تورط‭ ‬‮«‬رئاسة‭ ‬الجمهورية‮»‬‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المسألة‭ ‬فهي‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬كرست‭ ‬مبدأ‭ ‬الإفلات‭ ‬من‭ ‬العقاب‭ ‬وأبرز‭ ‬مثال‭ ‬العفو‭ ‬الذي‭ ‬أصدره‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬برهان‭ ‬بسيس‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬محكومًا‭ ‬لمدة‭ ‬سنتين‭ ‬ولم‭ ‬يمر‭ ‬شهران‭ ‬وتم‭ ‬إصدار‭ ‬العفو‭ ‬الخاص،‭ ‬وهذا‮ ‬‭ ‬ما‭ ‬يكرس‭ ‬الإفلات‭ ‬من‭ ‬العقاب‭ ‬وهنا‭ ‬لا‭ ‬يمكننا‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬إرادة‭ ‬سياسية‭ ‬لمكافحة‮ ‬‭ ‬الفساد‭ ‬هي‭ ‬فقط‭ ‬إرادة‭ ‬صورية‭ ‬للإعلام‭ ‬وللإنتخابات‭ ‬القادمة‭ ‬في‭ ‬2019،‭ ‬ولكنها‭ ‬ليست‭ ‬إرادة‭ ‬حقيقية‭ ‬فلم‭ ‬نرى‭ ‬رجال‭ ‬الأعمال‭ ‬الفاسدين‭ ‬تحت‭ ‬طائلة‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭.‬

هل‭ ‬تعتبرون‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬نقص‭ ‬في‭ ‬التشريعات‭ ‬الكفيلة‭ ‬بتدعيم‭ ‬آليات‭ ‬مكافحة‭ ‬الفساد‭ ‬والوقاية‭ ‬منه‭ ‬أم‭ ‬أن‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬يتميز‭ ‬بوجود‭ ‬التشريعات‭ ‬وغياب‭ ‬الإرادة‭ ‬السياسية؟

تجدر‭ ‬الإشارة‭ ‬أولًا‭ ‬كما‭ ‬قلنا‭ ‬إن‭ ‬الإرادة‭ ‬السياسية‭ ‬هي‭ ‬إرادة‭ ‬صورية‭ ‬ولكن‭ ‬الترسانة‭ ‬القانونية‭ ‬موجودة‭ ‬في‮ ‬‭ ‬تونس‭ ‬منخرطة‭ ‬في‭ ‬الإتفاقيات‭ ‬الدولية،‭ ‬مثل‭ ‬الإتفاقية‭ ‬الدولية‭ ‬لمحاربة‭ ‬الفساد‭ ‬وإتفاقية‭ ‬الحوكمة‭ ‬المفتوحة‭ ‬ومختلف‭ ‬القوانين‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تمريرها‭ ‬مثل‭ ‬حماية‭ ‬المبلغين‭ ‬والنفاذ‭ ‬إلى‭ ‬المعلومة‭ ‬والتصريح‭ ‬بالممتلكات،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يحيلنا‭ ‬إلى‭ ‬القول‭ ‬أن‭ ‬لنا‭ ‬ترسانة‭ ‬قانونية‭ ‬محترمة‭ ‬ولا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬ننسى‭ ‬أن‭ ‬الدستور‭ ‬التونسي‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬فصول‭ ‬كرس‭ ‬مبادئ‭ ‬مثل‭ ‬الشفافية‭ ‬والنزاهة‭ ‬ومحاربة‭ ‬الفساد،‭ ‬إذاً‮ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬القوانين‭ ‬والتشريعات‭ ‬لنا‭ ‬ما‭ ‬يكفي‭ ‬لكن‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬الإرادة‭ ‬السياسية‭ ‬فلازالت‭ ‬الطريق‭ ‬طويلة‭.‬

أين‭ ‬تتموقع‭ ‬اليوم‭ ‬منظمات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬وهيئة‭ ‬مكافحة‭ ‬الفساد‭ ‬في‭ ‬مسار‭ ‬وعمليات‮ ‬‭ ‬مكافحة‭ ‬الفساد‭ ‬وكيف‭ ‬ترونها‭ ‬في‭ ‬المستقبل؟‮ ‬

‮«‬منال‭ ‬بن‭ ‬عاشور‮»‬‭: ‬فالبداية‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أتساءل‭ ‬أين‭ ‬هي‭ ‬هذه‭ ‬المنظمات إذ‭ ‬أننا‭ ‬نعاني‭ ‬نقصًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬في‭ ‬المنظمات‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع،‭ ‬أنا‭ ‬أؤمن‭ ‬بوجود‭ ‬إختلاف‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬والمواضيع‭ ‬ولكن‭ ‬محاربة‭ ‬الفساد‭ ‬هو‭ ‬موضوع‭ ‬مهم‭ ‬جدًا‭ ‬وحتى‭ ‬الثورة‭ ‬قامت‭ ‬أساسًا‭ ‬لتحقيق‭ ‬مطلب‭ ‬مكافحة‭ ‬الفساد‭ ‬والمحاسبة‭ ‬خاصةً‭. ‬أنا‭ ‬أرى‭ ‬غياب‭ ‬تام‭ ‬للجمعيات‭ ‬وللمنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬محاربة‭ ‬الفساد‭ ‬فلا‭ ‬يوجد‭ ‬إلا‭ ‬منظمة‭ ‬‮«‬أنا‭ ‬يقظ‮»‬،‭ ‬و‮»‬البوصلة‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬تشتغل‭ ‬في‭ ‬الرقابة‭ ‬على‭ ‬المجلس‭ ‬والبلديات‭ ‬ولكن‭ ‬محاربة‭ ‬الفساد‭ ‬الفعلية‭ ‬فلا‭ ‬يوجد‭ ‬من‭ ‬يعمل‭ ‬عليها‭.‬

المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يأخذ‭ ‬دوره‭ ‬في‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬الحكومة‭ ‬ومكافحة‭ ‬الفساد‭ ‬الذي‭ ‬يتفشى‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الميادين‭ ‬إذ‭ ‬نراه‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬المحروقات،‭ ‬الطاقة،‮ ‬في‭ ‬الصحة،‭ ‬في‭ ‬التعليم،‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬قطاع‭ ‬ونحن‭ ‬كجمعية‭ ‬لوحدنا‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نركز‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬القطاعات‭ ‬ولكننا‭ ‬لا‭ ‬يمكننا‭ ‬محاربة‭ ‬الفساد‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬القطاعات،‮ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬تحاول‭ ‬‮«‬أنا‮ ‬يقظ‮»‬‭ ‬القيام‭ ‬به‭ ‬الآن‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬برنامج”I‭ ‬Assist”‮ ‬‭ ‬وهو‭ ‬ما‮ ‬‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬محاولات‭ ‬نقل‭ ‬تجربتنا‭ ‬التي‭ ‬إمتدت‭ ‬على‭ ‬7‭ ‬سنوات‭ ‬للجمعيات‭ ‬المحلية‭ ‬للمساهمة‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬مجتمع‭ ‬مدني‭ ‬محلي‭ ‬ناضج‭ ‬ولتكريس‭ ‬اللامركزية‭.‬

هو‭ ‬برنامج‭ ‬لدعم‭ ‬قدرات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬المحلي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الدورات‭ ‬التكوينية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬ينقصهم‭ ‬من‭ ‬القدرات‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬بدايةً‭ ‬كيف‭ ‬يقع‭ ‬تأسيس‭ ‬الجمعية‭ ‬أولًا‮ ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬الشروط‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الجمعية‭ ‬شبابية‭ ‬فيها‭ ‬شباب‭ ‬ويريد‭ ‬تغيير‭ ‬الواقع‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *