إصداراتالدولتقاريرتونسليبيامصر

التقرير السنوي الثاني لمركز دعم : تطور السياسات و التشريعات المتعلقة بحقوق الانسان والانتقال الديمقراطي في مصر و تونس و ليبيا (1 سبتمبر 2017- 31 اوت 2018)

 

بغض النظر عن الجدل حول مفهوم “الربيع العربي” من حيث حجيته العلمية، والدول التي يشملها، وأنماط التغيير السياسي التي تندرج في إطاره، فإن هذا التقرير سوف يشمل مصر وتونس وليبيا بعد حوالي ثماني سنوات على التغيير السياسي فيها، فإنها لم تشهد حتى الآن تطورات حقيقية وجادة تضعها على الطريق الصحيح للتحول الديمقراطي، وذلك باستثناء تونس، حيث نجح الفاعلون السياسيون بدرجة ما في احتواء تداعيات سلسلة من الأزمات السياسية والأمنية الحادة التي كادت أن تعصف بالمسار الانتقالي برمته، وحققوا توافقًا على خارطة طريق واضحة، تم في إطارها إصدار دستور حداثي ديمقراطي، بالإضافة إلى الانتخابات التشريعية والرئاسية والبلدية أي الخاصة بالمحليات، وبالمقابل عرفت مصر تراجعًا كبيرًا على مستوى حقوق الإنسان والحريات في السنة الأخيرة تحت ظل حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، كما وقعت ليبيا فريسة لحالة من الفوضى والانفلات الأمني والمؤسساتي في ظل محاولات دولية لفتح مجال للتوافق السياسي ووضع خارطة طريق واضحة للخروج من الأزمة وخلق مجال سياسي جديد وبين التجاذبات والصراعات الداخلية.

كما يجب ألا نتغافل عن دور الصراع الإقليمي وتأثيره على الدول الثلاث في ظل الصراع الإقليمي الدائر على مصالح متضاربة داخل الدول الثلاث، وهو ما كان له أثر بالغ في عدم وجود تطورات حقيقية وجادة تضعها على الطريق الصحيح للتحول الديمقراطي، فتأثير تلك الانحيازات والاصطفاف مع أحد أطراف الصراع سواء على المستوى الرسمي أو شبه رسمي ومن خلال مواقف مختلف الأحزاب والحركات السياسية والاجتماعية والمدنية وحتى الثقافية داخل الدول الثلاث، ساهم بما لا يدع مجالًا للشك بسلبياته على مسار التحول الديمقراطي خاصة عندما تختلط المصطلحات الحقوقية بتفسيرات دينية تارة وسياسية تارة أخرى. فنفتقد البوصلة خلال طريق الوصول لتحقيق المبادئ المثلى لحقوق الإنسان.

كذلك يجب ألا نتغافل عن فقد الحركة الحقوقية الدعم الدولي اللازم في ظل تأزم الأوضاع الاقتصادية والسياسية في المجتمعات الغربية، وصعود الحركات اليمينية والمحافظة في ظل تخوف تلك المجتمعات من الآخر، خاصة بعد انتشار آلاف المهاجرين نتيجة الصراع القائم في المنطقة العربية نتيجة تداعيات ما أطلق عليه “الربيع العربي”، وهو ما خلق مخاوف وتوجهات متصاعدة داخل تلك المجتمعات على اختيار النزعة القومية أو العِرقية لحماية أنفسها من الآخر، وتراجع أسهم الأحزاب الديمقراطية في تلك الدول لصالح صانعي قرارات جدد سياساتهم تعتمد على الانغلاق والعزلة ومنع سبل وصول أو اندماج الآخر في مجتمعاتهم سواء بذريعة أمنية في ظل وجود عمليات إرهابية متعددة ومختلفة الوسائل، أو اقتصادية تحت ادعاء أن المهاجرين يقلصون فرص العمل المتاحة للمواطنين.

إن المطلع على مختلف تجارب تونس ومصر وليبيا يتبين أن الطريق مازال طويلًا في مجال حقوق الإنسان والديمقراطية وليس هناك أي بلد يمكن أن نقول إنه يحترم حقوق الإنسان بشكل كامل. فالتعذيب مازال موجودًا ومنتشرًا بشكل واسع مع الاختلاف في الدرجة وكذلك الاختفاءات القسرية والمحاكمات غير العادلة، والانتهاكات التي يتعرض لها نشطاء حقوق الإنسان وخاصة الصحفيين، وحُرية الرأي والتعبير وحُرية التظاهر، وحُرية المعتقد، والحريات الجنسية، وحقوق المرأة، حقوق الأقليات والتوزيع العادل للثروات.

عام 2018 في مصر لم يتغير حال المناخ المُعادي للديمقراطية الذي تفرضه السلطات المصرية خلال السنوات الأخيرة، وكان التغيير الذي يُذكر هو زيادة الإجراءات المعادية للديمقراطية والحريات، حيث توسعت السلطات خلال هذه السنة في منهجيتها الجديدة بحجب المواقع على شبكة الإنترنت لتشمل العديد من المواقع الحقوقية البارزة، وتصاعدت الاعتداءات على حُرية التعبير والحُريات الفردية والشخصية بشكل عام، واستمر استدعاء المدافعين عن حقوق الإنسان للتحقيقات واستهدافهم ومنعهم من السفر، وتزايدت أعداد أحكام الإعدام واستمرار المحاكمات العسكرية للمدنيين.. وسنحاول خلال الجزء الأول من التقرير أن نُبرز مختلف التحديات التي يواجهها مسار الانتقال الديمقراطي ومسار حقوق الإنسان في مصر.

بينما تُمثل تونس تجربة مهمة في أدبيات التحول الديمقراطي، ويلتفت إليها باعتبارها جمعت الكثير من العناصر والمحددات في تجربة تحول ديمقراطي غير فاشلة بعد ثورة مفاجئة في المنطقة. ويمكن حصر عوامل النجاح النسبي في محددات خمسة: أولًا: الوفاق أو التوافق، التي كانت كلمة السر في فهم الطارئ السياسي برمته، وطبيعة المرحلة في تجربة مهمة بين العلمانيين والإسلاميين بعد سقوط نظام بن علي وتهاويه. والعنصر الثاني: هو الفاعلون السياسيون أو النخب السياسية التي توفرت لهم إرادة النجاح في إحداث عملية التحول العسيرة، وثالثًا: التحول إلى نظام برلماني بعد نظام رئاسوي، والرابع: هو وجود قوى اجتماعية حية تبحث عن المواءمة بين ما هو إنجاز اقتصادي وسياسي برغم تعثر التنمية بسبب المعارك الأيديولوجية، إذ لابد للإنجاز السياسي من إنجاز اقتصادي، والديمقراطية السياسية لا معنى لها دون ديمقراطية اجتماعية تُعبر عنها وتُترجمها. والمحدد الخامس: هو المساعدات الخارجية الدولية لإنجاح التجربة، فالدور الخارجي والإقليمي لم يكن في عمومه معاديًا للثورة التونسية وسنخصص جزءًا من التقرير للاطلاع على تطورات مساري حقوق الإنسان والانتقال الديمقراطي في تونس خلال سنة 2018.

أما في ليبيا، وبسبب خطايا نظام القذافي، وسياسات “اللا دولة” التي انتهجها لنحو أربعة عقود، بدأت أجهزة الدولة ومؤسساتها في التفكك حتى قبل انهيار النظام، وعجزت السلطة الحاكمة ممثلة في المؤسسات الانتقالية عن فرض سيطرتها على أقاليم الدولة الثلاثة، خاصة في ظل كثرة الخلافات والانقسامات بين هذه المؤسسات، وضعف الجيش الوليد والشرطة، مما أدى إلى اضطراب المسار الانتقالي برمته.

وفى ظل هذا الوضع، بدت البلاد تعيش حالة من الفوضى العارمة من جراء انتشار الاغتيالات وأعمال الخطف على نطاق واسع، وكثرة الصراعات والمواجهات القبلية المسلحة، خاصة في غرب البلاد وجنوبها، وتكرار عمليات حصار واقتحام المقار التنفيذية أو التشريعية الرسمية أو شبه الرسمية، وكثير من الوزارات لممارسة الضغط على الحكومات من أجل تنفيذ مطالب سياسية أو فئوية، ناهيك عن قيام جماعات مسلحة بإغلاق ثلاثة موانئ نفطية رئيسية في شرق البلاد منذ صيف 2013، مما ألحق أضرارًا بالغة بصادرات وعائدات البلاد من النفط.

وترتب على ذلك نشوب صراعات داخلية حادة على أسس قِبلية وجَهوية، ساهم انتشار السلاح على نطاق واسع في تغذيتها وتوسيع نطاقها.

وجاء تولي السياسي اللبناني، غسان سلامة، رئاسة البعثة الأممية للدعم في ليبيا نقطة تحوُّل في مسار الأزمة الليبية، عزَّز من حضور المَحْفَل الأممي كراعٍ سامٍ للتسوية السياسية في ليبيا، وذلك عبر إجراءات حَرِصَ عليها السيد سلامة من البداية وحتى الآن، فقد قطع الطريق على تعدد المسارات وكثرة المساعي الحميدة من قِبَل الأطراف الدولية المنخرطة في الأزمة الليبية، وحصرها في الرباعي الراعي للتسوية السياسية في ليبيا بقيادة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا. كل هذه التطورات في سنة 2018 سنتعرض إليها في الجزء الأخير من التقرير.


:يمكننم الاطلاع على الملخص التنفيذي على الرابط التالي

:يمكننم الاطلاع على التوصيات على الرابط التالي

 


للاطلاع على : تطـــــور السياســات والتشــــريعـــات المُتعلقة بحقــــوق الإنســـان والانتقــــال الديمقـــراطي في مصـــــــر


للاطلاع على: تطــــور السياسات والتشريعـــات المتعلقـــة بحقوق الإنســان والانتــقـــال الديمقراطي في تونـــــس

 


للاطلاع على: تطــــور السياســـات والتشريعـــات المُتعلقـــة بحقـــوق الإنســــان والانتقــــال الديمُقـــراطي في ليـبيا

 


 

[pdfviewer width=”100%” height=”849px” beta=”true/false”]https://daamdth.org/wp-content/uploads/2019/01/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%82%D8%B1%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%86%D9%88%D9%8A-%D8%AF%D8%B9%D9%85-3.pdf?fbclid=IwAR2E3qWjuIaP7WIhPz78aKxDQGTt4inrtq_BwL-pu157FOaWmdLcPXRfMUEf[/pdfviewer]

نتمنى لكم قراءة ممتعة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *