أخبارإصداراتالدولتونسحوارات

حوار مدير مركز دعم التحوّل الديمقراطي وحقوق الانسان بتونس لـ «الصحافة اليوم»

الصحافة اليوم

من قبل المنصف عويساوي.

مثّلت الأحداث الأخيرة على الساحة الوطنية سياسيا من خلال الصراعات الحزبية والايديولوجية وتعفن المشهد السياسي، فضلا عن ارتفاع التحركات الاحتجاجية المطالبة بالتنمية والتشغيل بمختلف مناطق البلاد عوامل ومؤشرات قوّية من شانها أن تهدد المسار الديمقراطي ببلادنا ،حيث نبّه مركز دعم التحول الديمقراطي وحقوق الانسان في تقريره نصف السنوي الأخير من خطورة انعكاس ما يحدث في تونس حاليا سواء ميدانيا أو في علاقة بالصراعات بين الأحزاب السياسية أو مؤسساتيا من خلال عدم استكمال تركيز عدد من المؤسسات الدستورية على المسار الديمقراطي بالبلاد بل واعتبر هذه العوامل والمؤشرات بمثابة التهديد المباشر للديمقراطية في تونس. وأكد مدير مركز دعم التحول الديمقراطي وحقوق الانسان بتونس محمد عمران في تصريح خاص لـ «الصحافة اليوم» أن تونس تعيش تعثّرا في مسار التحول الديمقراطي في تونس فلا دورية الانتخابات وتجديد مجلس نواب الشعب أو تجديد الرئيس ضامنة وحدها للمسار الديمقراطي بل هناك مجموعة من المؤسسات التي يجب ان تكون متواجدة كالمحكمة الدستورية واستكمال إحداث الهيئات المستقلة الدستورية وتعديل مجالس الهيئات الدستورية الموجودة حاليا على غرار هيئة الاتصال السمعي البصري والهيئة العليا المستقلة للانتخابات وهيئة حقوق الانسان فضلا عن عدم تركيز المحكمة الدستورية الى حد الآن مشيرا إلى أنها تعثّرات تحول دون استكمال بناء المؤسسة الديمقراطية في تونس التي تعتبر منقوصة الى حد الآن.

وقال في السياق ذاته أن اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي ومختلف العمليات الإرهابية التي جدّت بتونس في مختلف الفترات من السنوات الماضية وتأزم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية تعد أيضا تعثّرات في مسار الانتقال الديمقراطي التونسي.

وأبرز عمران أن عدم الاهتمام الى حد الآن بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية للتونسيين هو ترذيل للعمل السياسي سواء بتعمد أو بقلة خبرة السياسيين، فالمشكلة الكبيرة التي يواجهها السياسيون في تونس هي أنهم ينظرون الى الدولة بمنظور ايديولوجي حزبي ضيق غير مدركين انهم في مرحلة انتقال ديمقراطي يتطلب النظرة العامة الشاملة والخروج من المعارك الايديولوجية الضيقة.

كما أوضح مدير مركز دعم التحول الديمقراطي وحقوق الانسان أن التجارب في تونس وحتى في ليبيا ومصر أثبتت انه لا يمكن أن تتبنى الدولة ايديولوجية بعينها أو ايديولوجية حزب معيّن ، وبالتالي اليوم يجب أن يرتكز عمل السياسيين التونسيين على الأولويات المهمة لإتمام العملية الديمقراطية والتي بدونها ستبقى ديمقراطية تونس هشّة وممكن أن يؤدي ذلك الى الرجوع الى الوراء ونسف النموذج الوحيد الناجح الى حد الآن في المنطقة العربية والذي أطلق عليه «الربيع العربي » وامكانيات التعرض الى الانتكاسات التي تعرضت اليها دول أخرى لأن تونس حاليا تعتبر النموذج الوحيد الناجح في المنطقة العربية في حقوق الانسان والديمقراطية .

رسالة الى رئيسي الجمهورية والبرلمان

ووجّه مدير مركز دعم التحول الديمقراطي وحقوق الانسان بتونس عبر منبر «الصحافة اليوم» رسالة الى رئيسي الجمهورية قيّس سعيّد والبرلمان راشد الغنوشي قائلا « تونس تميزت عن كل دول الربيع العربي بما أطلق عليه «التوافق» وهو الخيار الأول الذي مكّن من اجتياز الازمة ،وأدعو بالمناسبة رئيسي الجمهورية والبرلمان إلى العودة الى آليات التوافق الحقيقية والعمل على صياغة رؤية واضحة من شأنها أن تمكّن السلطتين التنفيذية والتشريعية من العمل بصفة تشاركية وفي مسار واحد من أجل استكمال مرحلة الانتقال الديمقراطي التي لم تكتمل بعد.»

عقبات التحوّل الديمقراطي

وفي سياق متصل اشار التقرير نصف السنوي للفترة الممتدة بين 01 أفريل و30 سبتمبر 2020 الصادر الأيام القليلة الفارطة عن مركز دعم التحول الديمقراطي وحقوق الإنسان أن غياب تصوّر قوي ومتكامل للأمن الصحي في تونس مثّل ثغرة وعقبة في عملية التحول الديمقراطي.

وكشف التقرير أن بلادنا واجهت عدم تحيين المنظومة الاجتماعية وانفصالها عن واقع طبقات واسعة من الفقراء والمهمشين والمتضررين من الوباء الصحي وتداعياته الاجتماعية والإقتصادية.

وفي علاقة بالمنح والهبات والمساعدات التى تسند للدول الفقيرة والنامية لمجابهة الكوارث والأزمات ذكر التقرير نصف السنوي لمركز دعم التحول الديمقراطي وحقوق الانسان « ان هذه السياسة أثبتت محدوديتها من حيث التأثير ومداه، وأن المساعدات الاجتماعية لا تغيّر من واقع المواطنين في ظل انسداد الأفق الاقتصادي وغياب برامج تنموية شاملة خاصة مع تراجع دور القطاع العام كضمانة للفئات الأكثر ضعفا وهشاشة»

كم أوضح التقرير ان الفساد في القطاع العام تصدّر المشهد مرة أخرى ، بناء على بلاغات هيئة مكافحة الفساد حيث ثمة 871 موظف محل شبهة فساد ممن استغل الظرف الصحي لمصالح خاصة ، كما توزعت أرقام الفساد على جميع ولايات الجمهورية، وهو ما أثبت مرة أخرى أن الفساد عائق رئيسي في مشروع إصلاح الدولة والتحول نحو الديمقراطية.

وبيّن مركز دعم التحول الديمقراطي وحقوق الانسان في تقريره أن الفساد يضرب خاصة في القطاع العام، قيم المواطنة وثقة المواطن في المنظومة القائمة وممكن إصلاحها ، فالفساد بذلك هو المتهم الأول في ضرب إعادة الصلة بين المواطن والدولة، كما هو شأن هيمنة الصراع السياسوي على إدارة دواليب الدولة وعودة التيارات الشعبوية وضعف الأحزاب.

وتعرض أيضا التقرير الى أزمة الحكم في تونس وذكر « أن أزمة الحكم في تونس تواصلت في ظل صراع رأسي السلطة التنفيذية وتعطل العمل البرلماني، وبينما تتواصل أزمة تكريس سلطة قوية قادرة على الإشراف على الإنتقال وإنهائه تواصل التداخل بين المهمة التشريعية للنواب ومهمتهم السياسية، حيث تبين عدم وجود حدود واضحة بينهما لدى أعضاء مجلس نواب الشعب ، ومن بين أسباب ضعف العمل البرلماني المتواصلة هو النظام الداخلي للمجلس ومحدودية ضمانات استقلاليته المالية والإدارية، لكن من بين أسبابه أيضا هي نوعية الشخصيات المتصدية لمهام الوظيفة السياسية…».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *