برنامج اصلاح السياسات والتشريعات
النظام في مصر: من السياسة القمعية الممنهجة إلى الحرب المفتوحة على المجتمع المدني المصري

مُتاح أيضًا بـ:
English (الإنجليزية)
في تصعيد صادم، ألقت السلطات المصرية القبض علي جاسر عبد الرازق المدير التنفيذي للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية من منزله بالمعادي علي يد قوة أمنية لينضم إلى اثنين من العاملين بالمبادرة المصرية ألقي القبض عليهما في الأيام القليلة الماضية حيث قامت قوات الأمن في 18 نوفمبر بإلقاء القبض على كريم عنّارة، مدير وحدة العدالة الجنائية بالمبادرة، في مدينة دهب بجنوب سيناء بعد ان قامت فجر الأحد 15 نوفمبر بالقبض على المدير الاداري للمبادرة محمد بشير من منزله ليلتحقوا جميعا بزميلهم باتريك جورج زكي.
ضمت النيابة جاسر ورفيقيه علي القضية 855 لسنة 2020 حصر أمن دولة والتي تضم عدد من النشطاء الحقوقيين والسياسيين والصحفيين، مثل المحامون عمرو إمام ومحمد الباقر وماهينور المصري والصحفيون سولافة مجدي، و إسراء عبد الفتاح، ومحمد صلاح”، وهي القضية التي بدأت تأخذ لقب “الدوامة” لكونها تضم مجموعة من الأشخاص لا علاقة لهم ببعضهم البعض وبإتهامات لا أساس لها ولا يدعمها سوى محضر تحريات واهي، ووقائع لا منطق لها كالإتهام الذي وجه للصحفية إسراء عبد الفتاح، والمحامي محمد الباقر بالاشتراك في اتفاق جنائي، الغرض منه ارتكاب جريمة إرهابية من داخل السجن، رغم احتجاز كل منهما في سجن مختلف.
صدر قرار النيابة بحبس كل منهم 15 يوم على ذمة التحقيقات وكانت الإتهامات الموجهة لهم هي:
“الانضمام لجماعة إرهابية مع العلم بأغراضها، استخدام حساب خاص على شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) بهدف نشر أخبار كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام، ارتكاب جريمة من جرائم تمويل الإرهاب، إذاعة أخبار وبيانات كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام والإضرار بالمصلحة الوطنية”
وأشارت المبادرة المصرية أن هذه الاجراءات العقابية غير المسبوقة هي رد فعل مباشر على نشاطها في مجال الدفاع والمناصرة الدوليين، خصوصًا لقاءاتها العلنية والمشروعة مع عدد من البعثات الدبلوماسية وآخرها لقاء عقد في مقر المبادرة يوم 3 نوفمبر مع 13 سفيرًا ودبلوماسيا معتمدين في القاهرة من اجل استعراض أوضاع حقوق الإنسان. هذه الدول وغيرها هي دول اعضاء في الامم المتحدة تعهدت هي ومصر من خلال مجلس حقوق الانسان بالعمل سويا على تحسين اوضاع حقوق الانسان في العالم وبفتح ملفاتها في هذا المجال امام بعضها البعض وبإدماج منظمات المجتمع المدني في عمل المجلس ومنحها الحق في تقديم تقارير ومخاطبة المجلس. ولم يكن هذا اللقاء الأول من نوعه ولن يكون الأخير، فأنشطة الدعم والمناصرة الدوليين تشكل جزءًا أساسيًا من صميم عمل المبادرة الهادف لتحسين أحوال حقوق الإنسان لعموم المصريين، ولا تخرج عن الإطار القانوني والدستوري الحاكم لعملها أو لعمل تلك البعثات.
إعلان الحرب على المبادرة هو حلقة جديدة من حلقات ممتدة من اضطهاد الأنظمة المصرية المتتالية للعمل الحقوقي في مصر وناشطيه. ويبدو أن النظام الحالي لن يكتفي في المرحلة القادمة بالملاحقة والتضييق الذي اعتاد عليه لسنوات في تعامله مع ملف حقوق الإنسان وانتقل لاستخدام ذراعه القضائي وإلحاق المدافعين عن حقوق الإنسان، من المحامين، في مصر مع من كانوا يدافعون عنهم أمام نيابة أمن الدولة والتي لا تعلم عن القانون سوى إصدار أوامر حبس إحتياطي لا تنتهي.
يشير مركز “دعم” إلى أن استمرار السلطات في مصر في التضييق على العمل الحقوقي ومطاردة العاملين به هو مسار يؤدي للمزيد من القمع ويؤثر سلبياً على علاقة النظام بالمواطنين، وهو الأمر الذي يفتح الباب للجماعات المتطرفة لجذب المزيد من العناصر التي لم تجد متنفسا لها بالطرق الديمقراطية.
يؤكد مركز “دعم” أن التعامل الملتوي مع القوانين واستخدامها في مطاردة المواطنين من قبل السلطات هو سلوك يؤدي لا إلي دولة القانون التي ينادي بها الجميع.
ويدعوا مركز “دعم” السلطة القضائية أن تستعيد مواقفها المناصرة للحريات العامة وحماية المواطنين من توجيه إتهامات ليست ذات أساس، بالافراج الفوري عن كافة العامين بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية دون قيد أو شرط
ويثمن أيضا كل جهود الأفراد المستمرين في محاولة الوقوف أمام نظام الرؤية الواحدة والرأي الواحد عالمين أن لا طريق للديمقراطية دون طرح العديد من الرؤى ووجهات النظر ولا سبيل للتغيير دون خوض المعارك السلمية المختلفة حتى وإن حمل ذلك أخطار التعرض للمحاكمة والإحتجاز والتشهير المتبع من قبل النظام الحالي.
ملاحقة المؤسسات الحقوقية والعاملين بها لم تقتصر على قضية التمويل ولكن تنوعت بين قضايا مختلفة مثل واقعة مداهمة قوات لمقر مركز وعيادة النديم لإعادة تأهيل ضحايا العنف والتعذيب، وتشميعه وغلقه بالقوة بقرار من وزارة الصحة، أو اعتداء بدني كواقعة اعتدى ضباط مسلحون على جمال عيد مدير الشبكة العربية بالضرب بالقرب من منزله.
يبدوا أن النظام الحالي لن يكتفي في المرحلة القادمة بالملاحقة والتضييق الذي اعتاد عليه لسنوات في تعامله مع ملف حقوق الإنسان وانتقل لاستخدام ذراعه القضائي وإلحاق المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر مع من كانوا يدافعون عنهم أمام نيابة أمن الدولة والتي لا تعلم عن القانون سوى إصدار أوامر حبس إحتياطي لا تنتهي.
مُتاح أيضًا بـ: