فوجئ الوسط الحقوقي في مصر بقيام قوات الأمن بالقبض على محمد بشير المدير الإداري بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية فجر يوم الأحد الموافق لـ15 نوفمبر، وقامت باحتجازه لمدة تقارب الـ12 ساعة في إحدى مقرات قطاع الأمن الوطني، قبل ظهوره في نيابة أمن الدولة العليا بالتجمع الخامس. وباشرت النيابة التحقيق مع محمد بشير حيث وجهت له عددًا من الأسئلة دارت كلها حول طبيعة نشاط المبادرة وإصداراتها الأخيرة وعملها في مجال الدعم القانوني. وركزت الأسئلة داخل مقر الأمن الوطني بشكل خاص على زيارة عدد من السفراء المعتمدين بمصر لمقر المبادرة المصرية يوم الثلاثاء الموافق لـ3 نوفمبر الجاري، في لقاء ناقش سبل دعم أوضاع حقوق الإنسان في مصر وحول العالم.
ضمت النيابة البشير للقضية 855 لسنة 2020 حصر أمن دولة والتي تضم عددا من النشطاء الحقوقيين والسياسيين والصحفيين، مثل المحامين عمرو إمام ومحمد الباقر وماهينور المصري والصحفيين سولافة مجدي، وإسراء عبد الفتاح، ومحمد صلاح. وهي القضية التي بدأت تأخذ لقب “الدوامة” لكونها تضم مجموعة من الأشخاص لاعلاقة لهم ببعضهم البعض وبإتهامات واهية لا يدعمها سوى محضر تحريات واهي، ووقائع لا منطق لها كالإتهام الذي وجه للصحفية إسراء عبد الفتاح، والمحامي محمد الباقر بالاشتراك في اتفاق جنائي، الغرض منه ارتكاب جريمة إرهابية من داخل السجن، رغم احتجاز كل منهما في سجن مختلف.
“الانضمام لجماعة إرهابية مع العلم بأغراضها، استخدام حساب خاص على شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) بهدف نشر أخبار كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام، ارتكاب جريمة من جرائم تمويل الإرهاب، إذاعة أخبار وبيانات كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام والإضرار بالمصلحة الوطنية”
هذا ولم تواجه النيابة محمد بشير بتحريات يعتد بها واكتفت بالإشارة إلى ما أسمته “تحققها من مشاركته في تحرك يهدف لنشر أخبار كاذبة وإشاعات مغرضة”.
ولم يصدر أية تعليق من وزارة الداخلية على القبض على بشير وسط المخاوف بإنضمامه لطابور طويل من المحبوسين إحتياطياً على ذمة قضايا وهمية لسنوات. ويذكر أن وزير الخارجية سامح شكري، قد صرح الأسبوع الماضي في مؤتمر صحفي مع نظيره الفرنسي جان إيف لودريان، إنه “ليس هناك حجز تعسفي في مصر، بل حجز وفق القانون”.
ومن جانبها وصفت المبادرة المصرية القبض على بشير بإنه حلقة جديدة في سلسلة استهداف وترهيب العاملين بمجال حقوق الإنسان. ولا ينفصل ذلك عن المناخ السلطوي والقمعي الذي يعصف بمجمل الحقوق والحريات المكفولة دستوريًا أو دوليًا استنادًا إلى اتهامات فضفاضة وعامة أصبحت تحفل بها القوانين المصرية.
ويشير مركز “دعم” إلى أن إستمرار السلطات في مصر في التضييق على العمل الحقوقي ومطاردة العاملين به هو مسار يؤدي للمزيد من القمع ويؤثر سلبياً على علاقة النظام بالمواطنين، وهو الأمر الذي يفتح الباب للجماعات المتطرفة لجذب المزيد من العناصر التي لم تجد متنفسا لها بالطرق الديمقراطية.
يؤكد مركز “دعم” أن التعامل الملتوي مع القوانين وإستخدامها في مطاردة المواطنين من قبل السلطات هو سلوك يؤدي إلى ضرب دولة القانون وفرص تقدمها.
كما يدعو مركز “دعم” السلطة القضائية للعودة إلى الوقوف في صف الحريات العامة وحماية المواطنين، كما هو شأنها في السابق، بدل تبني سياسة الإتهامات دون أسس.
ويثمن كل جهود الأفراد المستمرين في محاولة الوقوف أمام نظام الرؤية الواحدة والرأي الواحد دفاعا عن مبادئ التعدد والإختلاف السلمي والديمقراطي، ممن يواجهون خطر التعرض للمحاكمة والإحتجاز والتشهير المتبع من قبل النظام الحالي.