الدولبياناتمصر

إحتجاز رئيسة تحرير المنصة

قامت مجموعة من أفراد الشرطة المصرية بإقتحام مقر الموقع الإلكتروني “المنصة” وتفتيش أجهزة الكومبيوتر الخاصة بالصحفيين العاملين في الموقع، وقامت بإلقاء القبض علي رئيسة تحرير الموقع (نورا يونس) وحين توجه محامي الموقع لقسم المعادي – محل الواقعة- للسؤال عنها قام القسم بإنكار وجودها في البداية، ثم أقر به بعد عدة ساعات وأبلغهم أن نورا ستعرض في الصباح الباكر علي النيابة العامة، في محضر “إدارة موقع إلكتروني بدون ترخيص” وستقضي نور ليلتها بحجز القسم.

كانت قوة من الشرطة عرفت نفسها أنها من مباحث المصنفات الفنية، داهمت الموقع وفحصت أجهزة الكمبيوتر بدعوى التأكد من حقوق الملكية الفكرية الخاصة بأنظمة التشغيل، قبل أن تتحفظ على جهازي لابتوب يعملان بنظام تشغيل “أوبنتو” مفتوح المصدر، واصطحبت الشرطة نورا يونس معها.

وأوضح أستاذ حسن الأزهري “محامي المنصة” أن موقع المنصة تقدم للسلطات المعنية، بأوراق الترخيص اللازمة وسداد الرسوم المقررة بقيمة 50 ألف جنيه (حوالي 3 آلاف دولار أمريكي) في أكتوبر 2018، ولم يتم البت في طلب الترخيص حتى الآن.

لاحقا مساء اليوم الخميس 26 يونيو 2019 قررت نيابة المعادي اخلاء سبيل الصحفية نورا يونس بكفالة قدرها 10 آلاف ‏جنيه علي ذمة التحقيقات في القضية رقم 9455 لسنة 2020 بعد التحقيق معها باتهامات التالية:‏
‏1.‏إنشاء حساب على شبكة معلوماتية يهدف إلى إرتكاب وتسهيل إرتكاب جريمة معاقب عليها قانونا.‏
‏2.‏حيازة برنامج مصممة ومطورة بدون تصريح من الجهاز القومي لتنظيم الإتصالات.‏
‏3.‏الإعتداء على حق أدبي ومالي لصاحب الحق من المصنف.‏
‏4.‏الأنتفاع دون وجه حق عن طريق شبكة النظام المعلوماتي أو أحدى وسائل تقنية المعلومات وخدمة ‏الإتصالات وخدمة من خدمات المسموعة والمرئية

وتعيد الأحداث إلي الأذهان اقتحام مقر موقع “مدى مصر” منذ عدة أشهر في حادث شبيه، وجدير بالذكر أن موقع المنصة هو واحد من أكثر من ما يقرب من 572 موقع إلكتروني محجوب في مصر.

لا بد من الإشارة إلى أن سياسة الرقابة والحجب تعتمد أساسا على قانون 180 لسنة 2018 لتنظيم الصحافة والإعلام الذي صدق عليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسى في مطلع سبتمبر 2018. يخلق هذا القانون سلسلة من الصعوبات امام إنشاء المواقع الإلكترونية عبر مجموعة من التراخيص والشروط والضوابط التي تُطبق على المصريين وكل المواقع التي تريد العمل في مصر. ويجب على كل من يريد ان يُنشأ موقعا بشخصه أن يتخذ شكل شركة من فرد واحد أو عدة أفراد أو مؤسسات وفقا للمادة (51) من القانون. مُضافا الى ذلك جملة من العقوبات أهمها معاقبة كل موقع تأسس داخل مصر أو فرع محلي لموقع خارجها وكل موقع قام بالبث أو أعلن عن البث، قبل الحصول على ترخيص من المجلس الأعلى، بغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تزيد على ثلاثة ملايين جنيه، كما تقضى المحكمة فضلًا عن ذلك بغلق الموقع وحجبه ومصادرة المعدات والأجهزة، وتضاعف الغرامة فى حديها الأدنى والأقصى فى حالة تكرار المخالفات.

مع جملة هذه الشروط التعجيزية امام مبادرات إنشاء المواقع الإلكترونية تنضاف الرقابة البعدية والسياسة الأمنية التي تُتابع كل الناشطين، وهي حالة نورا يونس. ولا يفوتنا التذكير بأن هذه المعاناة متواصلة بالتوازي مع عائلة علاء عبد الفتاح الذي لا يزال يقبع في السجن. وقد التحقت به اخته سناء التي تم اختطافها من امام مكتب النائب العام من قبل ضباط في زي مدني، وهي التي تعرضت قبل يوم للإعتداء بالعنف مع اختها ووالدتها ليلى سويف، أثناء مطالبتهن بتلقي رسالة طمأنة عن وضعية علاء في محبسه. ووضعت سناء في حافلة صغيرة –ميكروباص-. ثم ظهرت بعدها بساعتين في نيابة أمن الدولة بالتجمع الخامس يوم 23 جوان 2020.

علاء المحبوس على ذمة أحد القضايا العبثية بنيابة أمن الدولة ذات الإتهامات المطاطة منعدمة الأدلة وخالية المضمون، أعلنت أسرته دخوله في إضراب عن الطعام، بعد قرار السلطات بإغلاق السجون ومنع الزيارات بسبب انتشار وباء كورونا في مصر، فضلًا عن نظر تجديد أمر حبسه ورقيًا دون حضوره ومحاميه في مخالفة صريحة للقانون.

من الواضح ان سياسة النظام مُمنهجة في اتجاه السيطرة على الحياة العامة في مصر، والقضاء على كل صوت معارض او ناقد لسياساته، خاصة انه يستهدف مناضلات ومناضلي الحركة المدنية من جميع الأطياف. يتعسف النظام المصري اليوم على كل المواطنين في سياسة موسعة من الرقابة والقمع والهرسلة والسجن والتعذيب مستغلا في ذلك كل الأدوات المتاحة. الأمر الذي جعل كل حديث عن ممكن تحول ديمقراطي في مصر مفرغا من المعنى ودون أساس. انتقلت مصر الى دكتاتورية لم تشهد مثيلا لها في تاريخها حيث يستبقي النظام على ما يُرضيه فيما الأصوات المعارضة محلها السجون، أو فضاء الانترنت الذي يخضع لرقابة مشددة.

ويشير مركز “دعم” إلى أن أستمرار السلطات في مصر في التضييق على حرية الصحافة وحرية الرأي والتعبير ومطاردة الصحفيين مخالفة كافة المواثيق الدولية ومن قبلها الدستور المصري وهو مسار يؤدي للمزيد من القمع ويؤثر سلبياً على ثقة المواطنين في الأنظمة الحاكمة.

كما يدعوا مركز “دعم” السلطة القضاية أن تعيد مواقف سابقة لها إتخذتها للوقوف في صف الحريات العامة وحماية المواطنين بعد توجيه إتهامات ليست ذات أساس لموقع المنصة أو العاملين به. وذلك لإنهاء حالة الخضوع التام التي فرضها النظام على القضاء المصري الذي كان سابقا في مقدمة الدفاع عن دولة القانون ومدنية الدولة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *