أوراقإصداراتمصر

“عايزين جواب” … إلى أي مدى يمكن لأحلامنا أن تنخفض!!

يمكن تلخيص الصورة العامة للوضع في مصر في مدى إنخفاض مطالب من كانوا منذ سنوات يُنظر لهم كقادة محتملين لمصر الجديدة بعد الثورة، فالمطالب ظلت تنخفض من دولة ديمقراطية، لدولة لا تقتل أبنائها، للمطالبة بحريتهم من قضايا عبثية، لمجرد رؤيتهم في محبسهم، حتى وصلت لمجرد خطاب من ثلاثة أسطر للاطمئنان على حياتهم.

هذا الإنخفاض في سقف المطالب هو ما حدث مع عائلة سيف، علاء عبد الفتاح معتقل كل العصور منذ مبارك والمجلس العسكري مروراً بنظام الإخوان والرئيس المؤقت عدلي منصور وحتي الرئيس السيسي، هو الإبن الأكبر للمحامي الحقوقي والأستاذ أحمد سيف الإسلام أحمد مؤسسي مركز المساعدة القانونية ثم مركز هشام مبارك من بعده والذي يعتبره أغلب العاملين بمجال حقوق الإنسان في مصر أباهم الروحي، والدكتورة ليلي سويف المناضلة السياسية الشهيرة، أحد مؤسسي «مجموعة العمل من أجل استقلال الجامعات» (حركة 9 مارس)، والجمعية المصرية لمناهضة التعذيب، والأخ الأكبر لكل من الناشطتين مني وسناء سيف. اشتهرت هذه العائلة في الأوساط السياسية المصرية بلقب “العائلة المقدسة” لكفاحهم المستمر مع سلطات مصر المتتابعة ولتعرضهم المتتابع للحبس في مختلف العصور.

علاء المحبوس على ذمة أحد القضايا العبثية بنيابة أمن الدولة ذات الإتهامات المطاطة منعدمة الأدلة وخالية المضمون، أعلنت أسرته دخوله في إضراب عن الطعام، بعد قرار السلطات بإغلاق السجون ومنع الزيارات بسبب إنتشار وباء كورونا في مصر، فضلًا عن نظر تجديد أمر حبسه ورقيًا دون حضوره ومحاميه في مخالفة صريحة للقانون.

نظَمت أسرة علاء من قبل وقفة احتجاجية بالقرب من مقر مجلس الوزراء ومجلس النواب، للمطالبة بالإفراج عن السجناء خوفًا من تفشي فيروس كورونا في السجون. إلا أن قوات الأمن ألقت عليهم القبض وأحالتهم لنيابة قصر النيل بتهمة نشر أخبار كاذبة، والتي أصدرت قرارها بإخلاء سبيل كل من ليلى سويف وأهداف سويف ورباب المهدى ومنى سيف بكفالة 5 آلاف جنيه.

ومع استمرار منع الزيارة عن علاء ورفض السجن حتى استلام أدوات نظافة لتسليمها له ، أعلنت أسرة علاء دخوله في إضراب عن الطعام فقط دون الشراب، احتجاجًا على منع الزيارات، وتم تحرير محضر رقم 2610 سنة 2020 إداري المعادي وعرض المحضر على نيابة المعادي التابع لها منطقة سجون طرة المحتجز بها علاء بتاريخ 13 أبريل.

وبعد مرور شهرين على تلك الأحداث دون تغير حقيقي ومع استمرار منع الزيارة وعدم السماح بأي تواصل بين علاء وعائلته، قررت د. ليلى سويف الإعتصام أمام سجن طرة، انتظارًا لخطاب من نجلها بعد 3 شهور من منع الزيارة و3 أسابيع من آخر خطاب منه، وخلال الاعتصام تعرضت د. ليلي لمضايقات لإبعادها عن محيط السجن قبل أن تنضم لها نجلتيها منى وسناء سيف، تحت شعار واحد (عايزين جواب من علاء)، وأكدت الأسرة أن مطالبتها تأتي في إطار تنفيذ لائحة السجون.

لكن بعد يومين من الإعتصام قامت قوات الأمن بالإعتداء عليهم. وصفت منى سيف شقيقة علاء كالتالي: “بعتولنا ستات ضربونا وسرقونا على باب السجن، سرقوا كل حاجتنا، وبس موبايلي ما اتاخدش كان في العربية”، وتتابع ”اتسحلت واتشدَيت من شعري أنا وسناء وماما والداخلية بتتفرج، سناء اتضربت بالشوم على رأسها وظهرها وهي اكتر حد اتضرب، أما أنا اتسحلت ع الاسفلت وعندي سحجات، ماما اتضربت واتزقت”.

كما تم خلال اليوم، 23 جوان/يونيو 2020، اختطاف سناء عبد الفتاح، خلال وجودها مع اختها وأمها في مكتب النائب العام، للتبليغ عن حادثة الإعتداء المذكورة آنفا، حين كانت العائلة بصدد المطالبة بتفاصيل عن علاء عبد الفتاح داخل السجن. وقع اختطاف سناء من أمام مكتب النائب العام بعد التثبت من هويتها ووضعها في حافلة صغيرة –ميكروباص- من قبل ضباط في زي مدني. ثم ظهرت بعدها بساعاتان في نيابة أمن الدولة بالتجمع الخامس.

ويشير مركز دعم الى ان استمرار النهج الإنتقامي من السلطات المصرية تجاه كل ما يمثل الثورة المصرية لن يولد إلا المزيد من التباعد بين السلطة الحالية والمعارضة الحقيقية، والذي كان يجدر أن يُنحي جانباً في ظل الظروف الإستثنائية التي تمر بها البلاد.

كما يؤكد مركز “دعم” على أن تقاعس النيابة العامة عن ممارسات السلطة التنفيذية المتعسفة ضد المعارضين وكذلك ضد المحتجزين بالسجون بشكل عام، بجانب ما يمثله مخالفة للقانون والدستور المصري فهو يدخل بنا إلى جانب جديد مظلم لا تعجز فيه فقط السلطة القضائية ممثلة في سلطة التحقيق عن فتح تحقيقات عادلة بل تتورط بشكل مباشر في الانتهاك بما يقضي على ما تبقى من ثقة للمواطنين في العدالة والقضاء.

ويذكر مركز “دعم” بالمادة 99 من دستور جمهورية مصر العربية  الباب الثالث الخاص بالحقوق والحريات والواجبات العامة “كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين، وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها الدستور والقانون، جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم، وللمضرور إقامة الدعوى الجنائية بالطريق المباشر. وتكفل الدولة تعويضاً عادلاً لمن وقع عليه الاعتداء، وللمجلس القومي لحقوق الإنسان إبلاغ النيابة العامة عن أي انتهاك لهذه الحقوق، وله أن يتدخل في الدعوى المدنية منضماً إلى المضرور بناء على طلبه، وذلك كله على الوجه المبين بالقانون. والذي نص علي عدم سقوط التعدي على الحقوق والحريات بمرور الوقت ويعطي الحق لهم ولذويهم في اتخاذ إجراءات ملاحقتهم جنائياً”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *