الدولبياناتمصر

مركز دعم التحول الديمقراطي وحقوق الإنسان (دعم) يدين الحكم الصادر على الروائي الشاب أحمد ناجي

تدين مؤسسة دعم التحول الديمقراطي وحقوق الإنسان (دعم) الحكم الصادر على الروائي الشاب أحمد ناجي من محكمة جنح بولاق مستأنف، والذي يقضي بحبس ناجي عامين وتغريم رئيس تحرير أخبار الأدب 10 آلاف جنيه، وهو ما يعد أقصى درجة للحبس والغرامة في عقوبة خدش الحياء العام وفقًا لنص المادة 178 من قانون العقوبات.

هذا وقد وجهت النيابة لأحمد ناجي في وقت سابق تهمة نشر مقال بغرض العرض والتوزيع يحتوي على مادة كتابية خادشة للحياء العام، وذلك بعد نشر “ناجي” فصلًا من روايته “استخدام الحياة”، الصادرة عن (دار التنوير)، في عدد جريدة أخبار الأدب لشهر أغسطس 2014، كما اتهمت رئيس تحرير الجريدة بالتقصير في مهامه. واستدعت النيابة “ناجي” للتحقيق معه بعد بلاغ من مواطن ادعى خلاله أن المقال (الفصل الخامس من الرواية) يخدش حياء المجتمع.

كما قامت النيابة العامة بالاستئناف على حكم أول درجة الصادر من جنح بولاق أبو العلا ببراءة “ناجي” وطارق الطاهر، رئيس تحرير أخبار الأدب، من تهمة خدش الحياء العام، بعد نشره فصلًا من روايته “استخدام الحياة” في عدد مجلة “أخبار الأدب”، ليصدر حكم بالإدانة من جنح مستأنف.

يفترض الفقه القانوني أن الدستور أبو القوانين أن جميع القوانين يتم استنباطها من الدستور ولا تحيد عنه فقد كفل الدستور المصري حرية الفكر والإبداع والنشر وعدم قابلية توقيع عقوبة سالبة للحرية إلا فيما يتعلق بالتحريض على الكراهية والعنف أو بالطعن في عرض الأفراد، إلا أن الحكم على “ناجي” جاء فاضحًا وكاشفًا أن البنية القانونية المصرية مازالت محصنة بترسانة من القوانين التي تعصف بالحقوق الدستورية والمواثيق والمعاهدات الدولية التي التزمت بها الحكومات المصرية المتعاقبة، كما أنها تعصف بمفهوم المواطنة والدولة المدنية، كما أنها أثبتت بما لا يدع مجالًا للشك ضرورة عمل البرلمان المصري على تنقيح وتعديل القوانين القائمة بما يوائم الدستور المصري 2014.

كذلك أوضح الحكم للجميع أن تحريك دعاوى الحسبة في مواجهة الفكر والإبداع من خلال النيابة لا يمنع المحافظة على الغرض الأساسي، وهو منع أخذ الآراء الفنية والإبداعية إلى المحاكم والقضاء، أما عن حيثيات الحكم فقد جاءت مبينة للحاجة القصوى إلى تكثيف العمل التدريبي مع رجال القضاء في المواثيق الدولية ومستجداتها من تعليقات وقرارات.

فقد خالف الحكم المواد 48 و65 و67 من دستور جمهورية مصر العربية لعام 2014، والمادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، كما جاء نص التعليق 34 لعام 2011 الصادر عن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان والذي نص على توفير حماية التعبير عن الرأي الذي قد يعتبر مهينا للغاية، ويجب ألا تنص القوانين على عقوبات تتنافى مع العهد، مثل العقوبة البدنية.

ويدعو مركز دعم التحول الديمقراطي وحقوق الإنسان (دعم) النائب العام بتوجيه النيابة العامة بوقف تحريك الدعوات الخاصة بالحسبة في قضايا الفن والإبداع لفترة استثنائية، حتى يتم ضبط قانون العقوبات بما يلائم الدستور المصري والمواثيق والمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان من قبل البرلمان المصري.

كما أن زيادة وتيرة عدد الدعاوى التي تم تحريكها من قبل النيابة العامة ضد الفنانين والمبدعين والمفكرين في الفترة الأخيرة لأسباب أخلاقية ودينية تدعوا لإعادة النظر في المادة 67 من دستور جمهورية مصر العربية لعام 2014، فيما يخص الجزء المتعلق بتحريك النيابة العامة لتلك القضايا أمام المحاكم طالما أنها لم تعط الحماية الكافية للفن والإبداع بل إنها جعلت الدولة تقوم بدور المحتسب وأظهرتها بأنها حادت عن صيغتها المدنية في تطبيق الدستور ولا تحترم حرية الرأي والتعبير.

ويدعو مركز (دعم) إلى وقف تنفيذ الحكم على الروائي الشاب أحمد ناجي والإفراج الفوري عنه، وكذلك مراجعة جميع الإدانات السابقة، ويؤكد (دعم) على ما ورد بحيثيات حكم أول درجة الصادر من جنح بولاق أبو العلا ببراءة “ناجي” أن حرية التعبير وتفاعل الآراء تستوجب أن يكون هناك مرسل ومتلقي، وتمنح الاثنان حق الاختيار، ولا يجوز تقييد أو منع حق الاختيار عن أحد الطرفين بقيود مسبقة، بل يجب أن يمارس الطرفين حقهما في الاختيار بكل حرية وكلاهما له كامل الحق أن يأخذ منها ما يأخذ ويلفظ منها ما يلفظ، كما يأخذ المجتمع منها الصالح ويطرح الطالح.

ليست معركة أحمد ناجى وليس دفاعًا إلا عن الإبداع والخيال وحرية التعبير والحق في النقد الأدبي للأعمال الأدبية دون اللجوء إلى القوة والسجن، وكأن الزمن يعود إلى الخلف يظهر لنا بوجه الاستبداد الوجه القبيح لمحاكم التفتيش.

ليست معركة أحمد إنما يتسع الكلام لذكر الكثير فكانت معركة نجيب محفوظ في “أولاد حارتنا” إلى أن انتصر الدستور والقانون للكاتب العظيم بخروج العمل الإبداعي إلى النور من العصور المظلمة، ويحصل على جائزة نوبل، من بعد نجيب محفوظ كانت معركة الأديب حيدر حيدر في رواية “وليمة لأعشاب البحر” التي تسببت في ردود فعل غاضبة في مصر بعد إعادة طبعها سنة 2000، إلى متى يظل تابوهات المثلث المقدس “الدين، الجنس والسياسة” هي المتحكم في كل الأوقات في الإبداع ومحاكمة الخيال، حتى في ظل أبهى عصور التنوير يسجن أحمد ناجى وتبقى الكتب والروايات ممنوعة على الرفوف.

الحرية لأحمد ناجي

للحصول على النسخة الانجليزية  إضغط هنا :http://daamdth.org/archives/195/?lang=en 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *